2010/04/27

اللهم احرم من حرمها ...

المكان : أمام إحدى مدارس التعليم الخاص في منطقة الجهراء العامرة .



الزمان : في أحد أيام الصيف الحارة في أواخر إحدى السنين الدراسية من الألفية الماضية .



ذهبت في أحد الأيام كعادتي لأصطحب أختي الصغيرة من مدرستها إلى بيتنا ...



أوقفت سيارتي كعادتي وترجلت منها كي أقف أمامها وأراقب الفتيات الصغيرات لعلي أجد أختي فأطير بها إلى البيت مسرعا حتى نرتاح أنا وهي من هذا الحر الشديد .



لفت انتباهي امرأة تحمل على رأسها كرتونة وتمسك بيد ابنتها الصغيرة التي كانت تحمل كيسا مملوءا قد بان عليها آثار التعب من جراء حمل ذاك الكيس الثقيل .....



اقتربت المرأة وابنتها مني أكثر فأكثر حتى جلسن في ظل سيارتي ووضعن أمامهن تلك الكرتونة وذلك الكيس واذا هما مملوءان من انواع الحلوى قد أتين بها كي يبيعانها على البنات الصغيرات عند خروجهن من المدرسة .



كان الأمر في البداية طبيعيا بالنسبة لي .....



ولكن ما شد انتباهي أكثر فأكثر هي تلك النظرات التي كانت ترمق بها تلك الطفلة الصغيرة البنات وهن يخرجن من المدرسة ويلعبن ويجرين نحو آبائهن وإخوانهن



كانت الطفلة تلبس ملابس رثة وتلف رأسها بشيلة سوداء لا لتسترها عن أعين الرجال لأنها لاتزال طفلة

ولكن لتسترها عن حر الشمس الذي لا يرحم ضعفها ...



كانت رقبة الطفلة تتجه يمنة ويسرة بصورة عفوية وهي تراقب الطالبات الصغيرات



فتلك تجري خلف زميلتها لتمسك بها وهي تضحك مسرورة .....



وتلك تجري مسرعة نحو والدها لتحتضنه وتذهب معه .....



وأخرى تملأ مطارتها بالماء البارد من براد الماء القريب من المدرسة ....



وقطع نظرات الطفلة تحذير جاءها من والدتها حين قالت لها وبلهجة شمالية بحتة :



( يمة افطني لغريضاتج لايبوقونج الوغدان)



لم تأبه الطفلة بتحذير أمها فما يسرق منها الآن أعظم وأشد



إنها طفولتها تسرق منها وعلى مرأى من الجميع ......



عندها أطلقت تلك الطفلة من عينيها صرخات مدوية هزت أرجاء المكان



لم يسمعها أحد ......



إلا أنا ........



فقد سمعت عينيها تقولان :



لماذا أنا فقط ....؟!



لماذا أنا محرومة من حق التعليم المجاني ؟!



ألم تقولي لي يا أمي أن الدستور كفل حق التعليم المجاني للجميع في هذا البلد ؟!



لماذا لا أدخل المدرسة لأتعلم كما هو حال كل الأطفال ؟!



سمعت بنات جيراننا يقلن أن المدرسة مكان جميل .....

والمعلمات طيبات وحنونات كالأمهات .......



سمعتهن يرددن :

( أنا سالم



أنا هند



أنا أحب أبي وأمي ...... )



وأنا كذلك يا امي أحب أبي وأمي فلماذا لا أدخل المدرسة ....







أمي .....





أمي .....





لماذا أنا محرومة من التعليم ؟!





انتهت صرخات تلك الطفلة ......





حينها أطرقت رأسي في خجل لأنني أنا نفسي لاأجد لتساؤلاتها أجوبة ....





ولم أنتبه ......



إلا بأختي وهي تناديني :



( منصور ...... منصور



أنا صارلي ساعة أدور عليك ........ )



مسحت دموعي بسرعة كي لا يفتضح أمري



وطرت بأختي مسرعا إلى البيت



وأنا أردد في قلبي :



اللهم احرم من حرمها







كتبه

منصور الغايب

6/7/2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق