2011/05/23

حكة أذن

صاحبي يشعر برغبة عارمة بحك أذنه عند شعوره بالحيرة والتشتت الذهني نتيجة مايدور حوله من أحداث تحير اللي ما يتحيرش ، لاشعوريا يمد صاحبي يده إلى جيبه ليخرجها بيضاء من غير سوء ومعه مفتاح سيارته فذلك المفتاح له فيه مآرب أخرى  ، من تلكم المآرب حك أذنه به عند وصوله للحالة التي ذكرتها آنفا ، وحتى لايفهم صاحبي على غير مقصده فليس هدفه من تلكم الحركة تشغيل مخه فقد سمعته يقطع عهدا على نفسه بعدم تشغيل مخه إلا للشديد القوي ولا أعلم متى سيأتي الشديد القوي ، كما أرجو ألا تسيؤوا الظن بصاحبي فدواعي تلك الحكة ليست أوساخا وإنما هي عادة ورثها صاحبي كابرا عن كابر .
من جهتي ألتمس العذر لصاحبي فالوضع جد محير ولم يعد المرء قادرا على التفريق بين الحق والباطل فكم من باطل دثروه بدثار الحق فطار به الجهال وكم من حق شوّهوه أمام الملأ فرماه الناس خلف ظهورهم
يقضى على المرء في أيام محنته
حتى يرى حسنا ماليس بالحسن
سكت أفواه الحكماء وخرست ألسن العلماء وتعالت الصيحات تلهج : اللهم سلم سلم ، وحدهم سفهاء الأحلام وحدثاء الأسنان من الرويبضة الذين يتسع لهم المقام دائما وأبدا في زماننا ، هؤلاء التافهون الذين يتكلمون في شأن العامة فيأتون بالعجب العجاب ، أبواب القنوات لهم مشرعة ، وكاميرات الصحف تأتي إليهم مسرعة ، يتكلمون في كل فن ، ويفصلون في أحوال الإنس والجن ، هم جهال ويجهلون أنهم جهال ، فجهلهم إذن مركب ، بينهم وبين الحكيم توما شبه وحمار الحكيم يتذمر منهم فقد ذكر في القصص أن حمارا لجاهل يسمي نفسه الحكيم توما قال : لو أنصف الناس لكنت أركب لأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب .
رويبضة زماننا فاقوا الرويبضة في كل زمان فلم يتركوا خرم إبرة يستطيعون أن يلجوا من خلاله إلا وولجوا ، خاضوا في أعراض الناس وأصولهم ، خاضوا في مسائل الحكم ، خاضوا فيما يثير الفتن والقلاقل بين أطياف الشعب ومكوناته ، تكلموا في النوازل التي أسكتت أهل العلم ولم يجدوا من يلطمهم على وجوهم ليذكرهم بأنهم نكرات تكلموا في زمن سكوت فانتبه الناس لترهاتهم  ، فحق فيهم المثل الشعبي القائل : قالوا لفرعون من فرعنك ؟ قال : مالقيت أحد يردني .
أرأيتم أن الوضع يجبرك على حك أذنك محتارا ، وكيف أن صاحبي معذور في تلك الحكة وأنني ربما سأواسيه في حكته تلك بأن أشاركه الحك ، وسأقترح عليه مستقبلا أن يستبدل تلك الحكة بقرصة للأذن علها أن تجدي نفعا معه وتجعله يرى الأمور على حقيقتها . 

2011/05/17

درس من الخنساء ...

ولولا كثرة الباكين حولي
على إخوانهم لقتلت نفسي
بيت الشعر هذا قالته الخنساء رضي الله عنها حين كانت تبكي على أخيها صخر إبان جاهليتها ، الخنساء كأنها كانت تعلم بحالنا بعدها فأرادت أن توجه لنا رسالة عابرة للأزمان انتقلت من زمن لآخر دون الحاجة لآلة زمن ، مفاد تلك الرسالة أن " اللي يشوف مصيبة غيره تهون عليه مصيبته " ، وهي دعوة لنا للكف عن الكم الهائل من التسخط الذي يحيط بنا من كل حدب وصوب وكأنه أصبح أحد الواجبات اليومية التي يجب أن تمر على آذاننا ، فمن متسخط من وضعه المادي إلى متسخط من وضعه الاجتماعي إلى من يسب ويشتم دوامه وسيارته وزوجته وأولاده وجاره ...... إلى غير ذلك من سيل التسخط الذي يحتاج لسد كسد مأرب حتى تحتمي خلفه .
المتسخط مخلوق مسكين يثير الشفقة فلاهو بما أنعم الله عليه مستمتع ولا هو لما ابتلاه الله من نقص صابر ولا هو لجلسائه مسلٍّ ومسامر ، حديثه لاتحبه الآذان ومشاهدة وجهه المكفهر ممرضة للأبدان ، لاهو بالذي بنعم الله عليك ذكرك ، ولاهو بالذي عند مصابك صبرك ، لاتشبعه اللقمة ولا اللقمتان ولايملأ عينه من الذهب واديان ، دائما يشكو للناس حاله وقلة حيلته ونقص ماله ، والناس يفرون منه فرارهم من المجذوم ، فإن مجالسته ممرضة للقلوب وإن داء التسخط داء معدٍ .
والدي علمني كلمة أحفظها كما أحفظ السورة من القرآن وهي : " ياولدي من عافاك أغناك " ، العافية وما أدراك ماالعافية كنز وأي كنز تاج على رؤوس أصحابها لايراه إلا من ابتلاه الله بقلة العافية والمعافاة ، وقد ذكرها الحبيب صلى الله عليه وسلم في قوله : (من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ) .
فالعافية هي أول مايدعوك لتحمل كل المنغصات التي تعرض لك في حياتك والنظر لمصائب الآخرين ومقارنة مصابك بمصابهم هو الحجر الثاني في مواجهتك لتلك المنغصات وابتعادك عن جيوش المتسخطين وعدم مجالستهم هو الحجر الثالث الذي ستركب عليه قدر الصبر حتى تفوح منه رائحة الاحتساب .
وأكثر مايثير العجب هو أن غالبية المتسخطين لايكونون من المعدمين غالبا بل من متوسطي الدخل ولكن قربهم المكاني في حساب الطبقات من الطبقة العليا ربما هو من يجعلهم ينظرون لأعلى دائما متناسين أن من يبص لفوق تنكسر رقبته كما يقول المصريون .
تفاءل وانظر للحياة بعيني جميل حتى ترى الجمال يحيط بك متمثلا قول أبي ماضي : كن جميلا ترَ الوجود جميلا .

2011/05/10

مقال ،،، ثمل

غرامي بالشعر يعرفه من قرب مني كما يعرفه من بعد فأنا من النوع الذي يرتشف البيت الذي يقرؤه ارتشافا حتى آخر قطرة منه وأشعر معه بحالة من السكر حتى أبدو ثملا من جرّاء ذلك الارتشاف ولأني أؤمن بأن ما أسكر كثيره فقليله حرام تجدني لا أقنع بالقليل منه بل أحاول أن أشبع نهمي منه متى ما استطعت إلى ذلك سبيلا متبّعا نصيحة من يقول : لاصرت رايح كثّر فضايح .
على طاري الفضايح لا أعرف لماذا نحن العرب نختلف عن الغرب في مسألة كشف فضائح الحكام والرؤساء ، ففي الغرب لاتظهر فضائح الرؤساء إلا بعد تنحيهم أو موتهم ، وهنا تكون الفضايح متلتلة وعلى أفا من يشيل حال حياة الرئيس وما إن يموت ولن أقول يتنحى إلا ووجدت كيلا من المديح ينهال عليه وعبارة اذكروا محاسن موتاكم تحيط بسيرته اللاعطرة من كل جانب ، أتراها عاطفتنا الجيّاشة أم رغبتنا بأن نضع رؤوسنا على الوسائد وقلوبنا خالية من إضمار الكره لأحد ؟!
على طاري خلو القلب تذكرت بيتا للجميل جدا فهد عافت يقول فيه عن نصيحة أمه له :
وأنا أمك لاتنام بليلة وإنتَ خلي البال
.وخلّ أدنى طموحك لانظرت لنجمتين اللمس
الشطر الأول أعتقد أن الجميل فهد طبقه بحذافيره تماما فمن أين يأت بقلب وبال خاليين من الهم؟! فهو بدون لم يشفع له تاريخه الشعري الحافل ولا قامته الشعرية الشاهقة في العلو في اقناع أصحاب القرار لمنحه "شرف" الحصول على الجنسية بينما حاز ذلك "الشرف" بعض اللاشرفاء ، كما أنه هجر وطنه فترة ليست بالقصيرة ليعود بعدها ليحاول أن يستجمع شتات ذاكرته لعله يهتدي على الأقل لموقع بيت أهله القديم والذي تم هدمه لتبنى فوقه فلل تسمى الآن بمنطقة النعيم وقد أسهب جميلنا في وصف شعوره ومشاعره بعد أول زيارة لمعشوقته في سلسلة مقالاته "زمان الوصل في الجهراء" ً.
أما الشق الثاني من نصيحة أمه فهي حثه على عدم الاقتناع بما هو دون النجوم وكأنه يجسد قول أبي الطيب رحمه الله وأباحه :
إذا غامرت في شرف مروم
فلاتقنع بمادون النجوم
من جهتي أعرف الكثيرين ممن لايتعدى طموح أحدهم خطوة قدمه تقبع رؤوسهم بين نجمتين وأربع نجوم وربما ستة نجوم ويستغلون نجومهم تلك في التسلط على عباد الله .
على طاري تلك النجوم لا أعرف لماذا يفرح الأب بابنه الذي يعلق النجمه ويقيم له مأدبة يرى أولها ولايرى آخرها بينما لايفعل ذلك مع ابنه الذي يحصل على شهادة الدكتوراه في علم من العلوم ولا مع ابنه الذي يعلي شهادة لا إله إلا الله ، هل من نصيحة تقدمونها لي لعل في الأمر سرا لا أعرفه .
على طاري النصيحة أعود لنصيحة أم فهد لفهد فأقول بالتأكيد أن جميلنا حاول تطبيق نصيحة والدته فقامته الشعرية قاربت من معانقة النجوم ولكنني أشك في أنه لامسها بيده لأن العين بصيرة والإيد قصيره واللي اختشوا ماتوا ...!
على طاري الموت قرأت عبارة تقول :
 لاتخف من صوت الرصاص فالرصاصة التي تقتلك لاتسمع صوتها ، هل تعتقدون بصحة هذا الكلام ؟ من جهتي لم أجرب الموت رميا بالرصاص بعد وبالتأكيد بعد تجربتي لن أعود لأقص عليكم نتاج تجربتي كما أنني لاأعرف ميتا عاد بعد قتله بالرصاص حتى أسأله وكما يقول درويش : لم يرجع أحد من الموت حتى يخبرنا الحقيقة.
وبما أننا لازلنا نتحدث عن الموت هل صحيح بأن للموت طعم ؟! وأن طعم الموت بعزة مشابه لطعمه بذلة ؟! لاتنتظروا مني جوابا فأنا لم أمت حتى الآن ولكن أبا الطيب يقول :
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيمِ
والعهدة عليه وناقل الكفر ليس بكافر وإن كنت أشعر بأن أبا الطيب مهايطي أكثر من اللازم فجعل من نفسه الفارس المغوار الذي لايشق له غبار وهو لايمتلك إلا جرما يلوكه في فيه قد ميزه الله عما لدينا نحن بني البشر الآخرين فبات يتسول به على الملوك والولاة ولو قطعه له أحدهم في مقتبل عمره لمات من الجوع كما يقول أبوعدنان ولَكُنا ارتحنا من مشاكل أبي الطيب ولما تناقلنا حتى اللحظة بيته الذي يقطر من سم العنصرية والذي قاله في كافور الإخشيدي :
لاتشترِ العبد إلا والعصا معه
إن العبيد لأنجاس مناكيد
ولذهبت أيام أبي الطيب أدراج الرياح .
على طاري الأيام ألاتشعرون بسرعة انقضاء الأيام ؟ عند وضع رأسك على الوسادة ترتسم على شفتيك ابتسامة سببها أن اليوم الذي كنت تفكر فيه بالأمس باعتبار أنه غدا سرعان ما انقضى ورغم ذلك فإنك تفكر في غد وكيف سيمر عليك الوقت فيه .
على طاري الوقت في صغري لم يكن يشكل لي الوقت شيئا مهما إلا في بعض الأحيان من تلكم الأحيان هو قيامي بحساب المدة التي تستغرقها الإشارة الحمراء عند وقوف سيارة والدي عندها ليس حبا في الإشارة بالطبع ولكن فرحا بساعتي الكاسيو التي اشتراها لي والدي وكانت تحتوي على ساعة إيقاف ، أذكر أن مدة الإشارة القريبة من البيت كانت عشرين ثانية فقط ، يااااااه ما أجملك يا إشارات زمان لم تكوني تسرقين منا الكثير من الوقت ، أما الآن فليست الإشارات وحدها من يسرق الأوقات بل إن أوقاتنا لم تعد ملكنا أصلا فوقت للموتة الصغرى ووقت لبيت الداء ووقت لبيت الخلاء ووقت لمراجعة الدوائر الحكومية ووقت للعمل ووقت يسرقه منك بعض الثقلاء باجبارك على الجلوس معهم ، تود في بعض الأحيان لو أن من اخترع الساعة جعل اليوم ٤٨ ساعة ! كم سيكون اليوم طويلا بحساب الساعات ولكن كيف سيكون شكل ساعة اليد ياترى؟! ستبدو بشعة بالتأكيد والأدهى من ذلك كيف سيكون شكل ساعة الحائط وهي معلقة في الديوانية ؟! ستتسبب في تشقق الحائط بالتأكيد بسبب كبر حجمها وستفتح باب رزق واسع للصبّاغين ، والأدهى من ذلك كله كيف سيكون شكل ساعة مكة ؟! وكم ستكون تكلفتها أيضا  خصوصا وأنها كلفت الكثير بشكلها الحالي فكيف لو كبر حجمها ؟! كل ذلك علمه عند الله .
بعد كل ما ذكرت أعلاه تيقنت أنني لازلت ثملا من جرّاء بيت الجميل فهد عافت .

هل فهمتم شيئا من مقالتي ؟!
أشك في ذلك .

2011/05/06

فروق الجناسي ...


لا زلت صابر لكن الوقت قاسي
وأدري بصبري لو تصبرت له حد

قدام عيني صار قرب انتكاسي
وأبغى أتقوى لكن الحيل منهدّ

تشوفني كنّي كما طويق راسي
بس داخلي هبّ الأعاصير يشتدّ

ثابت رغم كل المحن والمآسي
قدام سيل الهم واقف مثل سدّ

وعن جرح قلبي دالهٍ ومتناسي
واليا انتهى جرح الزمن قلتله : زد

والتضحية في منهجي شئ أساسي
ولاني لجزا المعروف كنت أنتظر رد

بس المصايب ليّنت قوّ باسي
واحساس نقص بداخلي صار يحتدّ

العمر يمضي واشتعل شيب راسي
وحلمي بيدين اللي ظلمني تبدّد

ولكل فعلٍ ردّ فعل انعكاسي
وأخاف صوبي كل الأفعال ترتدّ

خلاص صار الوضع عند متواسي
أصلا أنا ميت من المهد للّحد

من عاش بالدنيا ذليلٍ وخاسي
ميّت ... ولو من ضمن الأحياء ينعد

تدري وش أصعب شئ ؟ بُعد المراسي
عن وسط بحر من المعاناة ممتد

وتدري وش أكثر شئ يقتل حماسي ؟
دمعة صغير عن البكا مالقى بُدّ

وتدري وش أتعس شئ ؟ لا صرت ناسي
إنك ذليل بمجتمع ممتلي حقد

ذلّة تنادي : هيْت لك بلباسي ...
وأهرب ولكن من دُبُر ملبسي قِد

وفصلت من ثوب المهونة لباسي
ولافادني قولة : أنا معرّب الجدّ

ياعل ماعادت جميع الأماسي
اللي قضيته أبني أحلام وآعد

والله يقلعها فروق الجناسي
اللي بسببها ميّزوا سيّد وعبد

والله يسامح معتلين الكراسي
اللي لظلم أبناء شعبي لهم يدّ

كاني ضحية ... اقبلوا لي التماسي
وإن كنت جاني .. طبقوا فيني الحدّ

بس ارحموني قبل وقت انتكاسي
واخفوا حزن في داخلي هدّني هدّ
.
.
.

منصور