2014/03/29

الرد على خولة العتيقي


"لست نادمة على المساعدات التي قدمناها وزميلاتي في اللجنة النسائية بجمعية الاصلاح، ولكنني حزينة على بلدي وخائفة عليه من أن يصيبه مكروه من بعض هؤلاء ... " .
الكلمات أعلاه ليست جزءاً من الحلقة الأخيرة في مسلسل محلّي يبدأ بالعربدة وينتهي بالدموع ، ولكنها خاتمة مقال كتبته الكاتبة "خولة العتيقي" في إحدى الصحف المحليّة قبل أيام ليأتي استمراراً لنفس النهج الذي اتّبعته الكاتبة - هداها الله - منذ فترة والذي يرتكز على الدفاع عن رئيس الجهاز المركزي للبدون عن طريق الطعن في البدون أنفسهم وبولاءاتهم وانتماءاتهم وهذه المرة عن طريق الطعن في أخلاقياتهم أيضاً تحت ذريعة الخوف على الوطن مع دمعتين وموسيقى حزينة وكان الله في عون الوطن شو بدّه يتحمّل ليتحمّل .
لو كانت الكاتبة - هداها الله - عبّرت عن رأيها في رئيس الجهاز المركزي دون الطعن في الآخرين لقبل الجميع منها ذلك من باب حريّة الرأي المكفولة للجميع ، ولكنها بيّنت للجميع أنها ترفع شعار "عاد لينتقم" لاسيما وأنها عرجت في مقالها على ذكر الهجمة التي طالتها بعد مقال لها قديم في ذات الموضوع .
يجب ابتداءً على جميع من يتناول قضية البدون بالطرح أن يعلم أن من طرق الباب سيأتيه الجواب وأن أعراض البدون لن تسلم من التطاول عليها حتى يراق على جوانبها حبر المقالات ، فهم كغيرهم من أبناء هذا البلد تأخذهم الغيرة على أنفسهم حين يُطعن في ولائهم وانتماءاتهم وهم على مستوى متفاوت من التعليم والثقافة والتربية أيضاً وهذا حق لا نخجل من ذكره ، فلا يصلح أن يبني إنسان عاقل موقفه من قضية البدون وهي قضية الحق فيها واضح أبلج ؛ بناءً على مواقف بعض أبناء القضية ولا على أخلاقيات وسلوكيات بعضهم على فرض صحة ما ذكرته الكاتبة - هداها الله - في مقالها وهو شيء لا أثبته ولا أنكره .
في مقالها سالف الذكر لم تختلف الكاتبة كثيراً عن خصوم البدون في طرحها حيث اعتمدت على قاعدة المنّ من باب "شتبون بعد أكثر" عن طريق ذكر ماقدمته من مساعدات مالية هي أساساً ليست من جيبها بل في مال هي مؤتمنة عليه وذهب إلى مستحقيه ، ولا أعلم إن لم يكن البدون من مستحقي الصدقة والمساعدة في هذا البلد فمن يستحقها إذاً ؟! .
ثم عرّجت الكاتبة - هداها الله - على أنها تعرضت لمواقف اكتشفت من خلالها أن بعض البدون يحاولون الحصول على أكثر مما يستحقون ! ، وأنا أتساءل هل ما ذكرته الكاتبة - هداها الله - هو بدعة في هذا البلد أتى بها البدون - على فرض صحتها - أم أن إخوانهم في المواطنة من أصحاب الجنسيات يشاركونهم ذات الشيء وكلّ يعمل على شاكلته ؟! ، فمن الذين يحضرون الواسطات ليحصلوا على مساعدات من بيت الزكاة وهم ليسوا في حاجة لها ؟! ومن الذين يحضرون الواسطات ليحصلوا على بطاقات إعاقة ليستفيدوا منها وهم أصحاء معافون ؟! ومن الذين يحضرون عقود إيجار مزورة ليحصلوا على بدل إيجار حين كان حصراً على المؤجرين فقط ؟! هل هم البدون يا فاضلة ؟! ، إن مثل هذه التصرفات تنبع من كل ضعيف نفس قليل إيمان ولا علاقة لها بكون المرء بدون من عدمه وإن كنت أرى أن دوافع مثل هذا الفعل لدى البدون أكبر من دوافعه لدى غيره بسبب فقره وحاجته أما إخوته في الوطن إن فعلوها فهم من باب "الشيخ الزاني" .
ثم إن هناك مغالطة ذكرتها الكاتبة - هداها الله - في مقالتها تدل على سطحيتها في متابعة قضية البدون إنسانيّاً وأنها ربما كانت تشرف على تلك المساعدات لا أكثر ، وذلك حين قالت : "حين لم يكن هناك صندوق خيري أو صندوق أبناء العسكريين" وكل البدون يعلمون بأن أبناء العسكريين كانت تتحمل وزارتي الدفاع والداخلية رسومهم الدراسية منذ ابتداء تحويل الطلبة البدون للمدارس الخاصة وعدم قبولهم في المدارس الحكومية ولم يكونوا بحاجة لمن يدفع عنهم رسومهم الدراسية من اللجان الخيرية كما زعمت .
ختاماً يجب أن نعلم بأن المواقف الثابتة تجاه القضايا الحقّة إن ارتكزت على أرضية ثابتة لم تزعزها مثل تلك المواقف التي ذكرتها الكاتبة إن وجدت ، ولكنها حين ترتكز على أرض رخوة فإنها ما تلبث أن تتغير وتتبدل بأعذار واهية هي أشبه "بعذر ملّوح" .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/03/13

التعليم إلزامي يا سادة !


الهموم أنواع كما جاء على لسان العرب العاربة والمستعربة ، فقديماً قيل مامعناه : "همّ يبكّي وهمّ يضحّك" ، فيجب على كل مهموم أن يجعل لنفسه خطّة طواريء يواجه بها الهموم التي تنتابه بين حين وآخر على أن يستخدم لكل همّ ما يناسبه ؛ إمّا بكاء وعويل على غرار "أعينيّ جودا ولا تنفدا" ، أو من ضحك ورقص على غرار "لاتحسبوا أن رقصي بينكم طرباً" ، حتى ينتهي الهمّ بأقل الخسائر العُمْريّة ويتفرغ المهموم لاستقبال همّ جديد ليتعامل معه بمايناسبه أيضاً .
قرأت قبل أيام قانوناً جديداً أقرّه مجلس الأمة يقضي بعقوبات جديدة رادعة للوالد الذي يمنع ابنه من التعليم وتتضمن العقوبات الحبس شهراً أو غرامة بقيمة ألف دينار ! ، فكّرت كثيراً بهذا القرار الذي ظاهره فيه الحرص وباطنه - بالنسبة لي - فيه الهمّ ، ثم أخذت أفكر في نوعية هذا الهمّ حتى أواجهه بما يناسبه ، فوجدته همّاً من النوع المضحك بل الذي يجبرك على الاستلقاء على قفاك من شدة الضحك ولا بأس بقليل من التنكّس ياسادة "فالطير يرقص مذبوحاً من الألمِ" ، رغم أنه ذكّرني بهمّ قديم هو من النوع الذي يجبرك على البكاء دماً ، وذلك في تسعينيات القرن الماضي حين كان منظر كثير من أطفال البدون المحرومين من التعليم بسبب قلّة ذات اليد وعدم مجّانية التعليم يصل لدرجة عالية من الإيلام حتى يكاد أن يصيبك في مقتل ! ، مما أظهر جيلاً من الأطفال لا تتعجب إن قلت لك أنه أميّ أو نصف أمّي لا يجيد سوى القليل من القراءة والكتابة والحساب ، يوم أن كنت أرى أطفال البدون يبيعون الحلوى لأطفال المدارس وهم تخنقهم الحسرة والألم ولوعة الحرمان ، حتى أنني شاهدت بعضهم يرتدي لباس المدرسة رغم أنه لا يذهب إلى المدرسة تسلية من أهله له ، وعاينت بعض الأسر التي قامت بتسجيل أبنائها في المدارس - تسمى مجازاً مدارس في ذاك الوقت - بنظام "الشفتات" في كل سنة تسجل ابناً لها في حين يبقى الآخرون يصارعون لوعة الحرمان لعدم استطاعة الأسرة تحمل تكاليف دراسة الجميع ، وعاصرت بعض الزملاء في مقاعد الدراسة ممن كان يتم إخراجهم من الفصل يوميّاً بسبب عدم تسديد ولي أمره للرسوم الدراسية مما أدى لفصل بعضهم وطرده من الدراسة في ذلك الوقت حتى أشتهر بين أوساط الطلبة البدون مصطلح "طالب عسكري" و "طالب مدني" نسبة إلى ولي أمر الطالب والذي إن كان عسكريّاً فستتحمل وزارتي الدفاع والداخلية تكاليف الدراسة وماذاك حبّاً في البدون بل تنفيعاً لأصحاب المدارس ، وقد أدى ذلك كله وغيره لجعل بعض المحسنين - في وقته - جزاهم الله خيراً يقومون بتحويل بعض المساجد إلى كتاتيب يشرف عليها أبناء وبنات البدون المتعلمون مقابل أجر يسير وعمل عظيم لا زال يذكر فيشكر .
يا أعضاء مجلس الأمة أسألكم بالله ؛ ألا يستحق كل من كانت له يد في حرمان أولئك الأطفال البدون من حق التعليم أن يعاقب وأن تنزل به أشد العقوبات ؟! ، ألا يستحق من أخرج لنا جيلاً يعاني من ضعف القراءة والكتابة اليوم بين أبناء البدون أن يحال للقضاء ليقتص منه كل متضرّر ؟! ألا يستحق من جعل من البدون بضاعة تباع وتشترى بين أصحاب المدارس الجشعين أن ينال عقابه في الدنيا قبل الآخرة ؟! ، إن كنتم لا تستطيعون معاقبتهم  ؛ فاعلموا أن الله سبحانه وتعالى قادر جبّار ، وسيقتص لكل مظلوم ممن ظلمه وسيسأل من قتل أحلام أطفال البدون : "بأي ذنب قتلت" ، والآن أستأذنكم يا سادة في فاصل رقص "من شدّة الألم" بسبب هذا الهمّ المضحك المبكي ! .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/03/06

زيدوني سبّاً زيدوني !


ومن يجعل المعروف من دون عرضه
يَفِرهُ ومن لايتق الشتم يشتمِ

سامحك الله يازهير فحتى عهدٍ قريب كنت مصدّقاً لبيتك ، مؤمناً بما فيه ، مكرّرا له على الدوام ، مستدلاّ به على أن فعل المعروف يقي مصارع "السب والشتم" ، وأن المرء إذا تخلّق بالسخاء فإن كل عيوبه يغطيها السخاءُ ، وأن بحر الحسنات المتلاطم لا تكدره دلاء الحقد والخسد مهما بلغت قذارة ماءها ، ولكن خاب ظنّي وعدت من فهمي ذاك بخفي "حنين" إلى العزة والكرامة .
لا أظن أن فوق معروف البدون الذي يواجه بالحجود معروفاً ، ولا فوق سخاء البدون الذي يقابل بالشحّ والبخل سخاء ، فهم قد جادوا بأرواحهم رخيصة يوم أن ضنّ بها بعض من "لحم كتافه" من خير هذه البلد ، وضربوا أروع الأمثلة في الوفاء للوطن والذود عن حياضه والإخلاص في محبته حتى أصبح لهم في كل عرس وطني "قرص" افتخار وشرف وسبق ، وسجلوا أسماءهم في كل كشوف العزّ والكرامة ، وأبوا إلا أن يكونوا في الصفوف الأولى حين يعلو صوت الوطن .... والنتيجة ؟!
لم يصن هذا كله أعراضهم عن السب والشتم والطعن في الولاء والاتهام بالتبعية لدول أخرى والرغبة في التخريب والخروج على القانون ! ، فأي معروف قلّ لي يا زهير يصون العرض بعد هذا المعروف  وهل من سبيل إلى اتقاء سباب القوم والبعد عن نباح كلابهم ؟!
كواولة .. بعثيون .. حرس ثوري .. هكرة .. عراقيون .. سوريون .. إيرانيون .. لا ولاء لهم .. مرتزقة .. هيلق .. لفو .. متكسبون .. حصّاية .. حاقدون .. مخربون .... هل سئمت عزيزي القاريء ؟! القائمة تطول وتطول بكلمات السب والطعن والنيل من البدون وعلى لسان من ؟! ساقط أو ساقطة ... ليبقى عرض البدون رغم كل ذلك المعروف والسخاء "يشتمِ" رغماً عن أنوفنا وأنف زهير !
لايعقل أن يصبح البدون "الطوفة الهبيطة" في هذا البلد بحيث لا يخلو لقاء تلفزيوني مع ساقط أو ساقطة إلا ويسأل عنهم من باب "صلّح لي وأشوت" ليتحمل ذلك الساقط والساقطة تسديد كرات السب والشتم في مرمى البدون والتي تسفر عن أهداف إعلامية بالطبع لأن حارس مرمى البدون مقيّد بالقيود الأمنية التي تمنعه من صد كرات السب والشتم ليقف موقف المتفرج وهو يصرخ "زيدوني سبّاً زيدوني" ، في ظل صمت مطبق من قبل الشرفاء في هذا البلد والذين يعرفون حق المعرفة أنه يجب أن "يتقى شر الحليم إذا غضب" .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m