2014/11/21

بشر للبيع !


بشر للبيع !

مؤذٍ جدّاً أن تشعر بأنّك في هذا الوطن لست سوى سلعة تباع وتشترى بحسب الأهواء والمصالح ، وأنك لست سوى بند من بنود عقد تجاريّ يُعقد بين طرفين كلاهما يبحث عن مصلحته حتى لو كانت على حساب حياتك و مستقبلك و أحلامك ، أو أنك لست أكثر من قطعة أثاث مستعملة في بيت الوطن معروضة للبيع لمن يدفع أكثر وأحيانا لمن يخلصهم منك بشكل أسرع فأنت أصلاً لا قيمة لك في هذا البيت .
ومؤذٍ بشكل أكبر وأقذر حين تشعر بأنّك مقيّد اليدين والقدمين بقيود وهمية مصطنعة وتقاد إلى ما يشبه سوق العبيد في زمن الشعوب العنصرية القديمة والذي أضحى يتجدّد ولكن بصورة مغايرة ؛ ليتم بيعك بسعرٍ يكفل لسيّدك الأوّل تعويض ما صرفه عليك طوال هذه السنوات حتى أصبح يمشي على زندك الهمّ والغمّ ! ، والطامّة أن سيّدك قد لايكون بهذا الحرص أحياناً بل هو مستعدّ للدفع لسيّدك الجديد في مقابل أن يتخلّص من تبعات مصاريفك الجديدة معتبراً ما تم صرفه عليك قديماً دفعة بلاء عنه ! .
ومؤذٍ بشكل يفوق كل ما سبق أن يتمّ هذا الفعل في ظلّ صمت مطبق من موّسسات المجتمع المدني وحقوقييه وفرسان الكلمة فيه ودعاة حماية حقوق الإنسان حتى أنّك لو أوقعت إبرة امتهان للبشر بينهم لسمعت صوتها جرّاء هدوئهم الذي لا تتوقع عاصفة دفاع عن حقوق الإنسان بعده ، بل ومما ينثر الملح على جراحك ويزيد من ألمك خروج بعضهم لتبرير ظلم الظالمين وتسويغه بمسوّغات هي من باب "عذر ملّوح" حتى يصل بهم الحال لقول : شتبي بعد فقد أعطيناك كل جميل ! 
يا ربّااااه ... ما أقساك أيتها الدنيا وما أسرع دورات أيّامك وما أشنع حوادثك وسبحان من ( كلّ يومٍ هو في شأن ) يدبّر الأمور ويصرّف الأقدار وكما قال الأوّلون : "الأيام أطول من أهلها" (وسيعلمُ الذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون) .

منصور الغايب
@mansour_m

2014/10/18

كتاتيب البدون


ما أقسى الزمان حين يتظاهر أنه يسير إلى الأمام بينما هو يعود أدراجه إلى الوراء إلى حيث زمن الألواح الخشبية وأصابع الطباشير وعصا الفلقة ، إلى ماضٍ بعيد جديد لا يختلف عن ذلك الماضي القديم سوى أنه أحاطت به الألوان من كل الجهات لتغيّر حقيقته في حين كان الماضي القديم محدّد المعالم " يا أبيض يا أسود " .
كتاتيب البدون ... هي سفينة النجاة التي جاءت من بين أمواج العنصرية المتلاطمة التي هي كالجبال تحول بين أطفال البدون وحقوقهم ؛ لتنادي من حرم من التعليم من أطفال البدون وتقول له : " يابنيّ اركب معنا " لتتعلم لتدرس لتشعر بآدميتك بطفولتك بأنك حيّ حين تمنوا هم لك الموت جهلاً ، وأنّك مبتسم حين تمنوا هم لك الوفاة حزناً ، وأنّك قويّ حين تمنوا هم لك الانتحار ضعفاً ، وأنّك صابر مثابر حين قضى بعض إخوانك "نحبهم" إحباطاً والبعض الآخر منهم ينتظر .
هكذا هي بعض المشكلات تولد ويولد معها بعض الاهتمام بها ولكنها حين تكبر بسرعة يكون الاهتمام بها ومحاولة حلها بطيء الكِبر حتى إذا ما بعدت المسافة اختار الاهتمام بها أن يموت في صغره ، لذلك أتت كتاتيب البدون لتبقي مشكلة حرمان بعض أطفال البدون من التعليم في المدارس الحكومية والخاصة محطّ اهتمام ، وتغذي الاهتمام بها من دُرّ رعايتها ومتابعتها وتسليط الضوء عليها وإلباسها طوق النجاة الذي يبقيها على السطح بدلاً من النزول في القاع لعل أن يلتقطها بعض "السيّارة" ويسيرون بها نحو الحلّ .
كتاتيب البدون شمعة توقد في ظلامٍ كثُر لاعنوه ، وإشراقة شمس في ليل يأبى أن ينجلي ، وبصيص ضوء في كهف مظلم يخبرنا أن المخرج بات وشيكاً ، وفرحة ترتسم على شفتي طفل يريد أن يحدث أقرانه عن المدرسة كما يحدثونه هم ، وسعادة طفلة غامرة وهي معجبة "بمريولها" ، و أَ أُ إِ تصمّ آذان الطغاة .
نعم كتاتيب البدون ليس حلاّ كما تفضل القائمون عليه وفقهم الله ، ولكنه مشروع ولد حتى لا تموت القضية ، وحضر حتى لاتغيب أحلام أطفال لا ذنب لهم ، واستيقظ حتى لا تنام ضمائرنا ، وصرخ حتى لا نفقد حاسّة السمع ، ودوّن حتى لا ننسى ويسجّل التاريخ ، فنحن شعب أصابه الزهايمر ، تنسيه كل مصيبة ما قبلها حتى أصبح لدينا "شرب المصايب مثل شرب الفناجيل" !
ابتسم ياصغيري فأنت المنتصر ، فمع كل حرف تتعلمه ... تكتبه ... تحفظه ... تشدو به ... فإنك تغيظهم
ابتسم يا صغيري واجتهد ولتكن أول حروفٍ تتعلمها وتكتبها هي : ( ش ك ر ا ي ت ب ل د و ن ) لتخط بحرفك الجميل المصحوب بابتسامتك : شكراً يا كتاتيب البدون .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/07/24

للفقير الحقّ بالفرح


في دول الغرب الكافرة "ملاعين الخيّر" ومع اقتراب أعيادهم تنتشر في الشوارع والطرقات وعلى أبواب المحلات إعلانات الخصومات وتخفيض الأسعار حتى تصل لدرجة يتمكن معها الجميع من شراء حاجيّات العيد ومشاركة الآخرين الفرح بدلاً من أن يكتفي الفقراء بالمشاركة عبر عين "بصيرة" ويدٍ "قصيرة" ، أمّا في بلاد المسلمين ومهبط الوحي ومهد الرّسالات ودعاة الأخلاق والمثل فإنّ أوّل سكين يُذبح بها الفقير هو جشع التجّار الذي يقطع "عرق" فرح الفقير المسكين "ويسيّح" دمّه حتّى إذا وجبت جنوب الفقراء قالوا للأحزان "كلوا منها وأطعموا باقي الهموم" فتتوالى عليه الأحزان والهموم تنهش من جسده والحرمان في عيون أطفاله يأكل من عمره والناس حوله يضحكون سروراً حتى تنقضي أفراح الآخرين وهو يردّد "عيدٌ بأيّ حالٍ عدت ياعيدُ" .
آمنوا هم بأن للجميع الحق في الفرح في الأعياد والمناسبات فمنحوا الفقير فرصة مشاركتهم الفرح ، في حين تعاملنا نحن بأنانية لا مثيل لها وكأنّ "عرس" الفرح لا يحتوي إلا "قرصاً" واحداً ونريد نحن الظّفر به بينما يبقى اللي "ماعنده" يشتري فرح "يتفرّج" ، ضاربين بتعاليم ديننا الحنيف الذي رفع شعار "لايؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه" عرض الحائط  ، ناظرين لهذا الفقير على أنه كائن لايستحق الفرح لأنه لايملك ثمنه واللي ما "عندوش" ما "يلزموش".
يثير الضحك فعلاً ما يفعله البعض حين يحرص على الصدقة للّجان الخيرية في رمضان مستذكراً أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان أجود ما يكون في رمضان وكان أجود من الريح المرسلة ، فيتصدق بما تجود به نفسه طوال الشهر الكريم ، ولكنّه لا يخجل من مدّ يده في آخر الشّهر لأخذ الإيجار من العوائل المحتاجة التي تسكن في بيته وشققه وهم على أبواب عيد فيقتطعون تلك المبالغ وكأنهم يقتطعونها من أجسادهم أو كأنما يأخذون اللقمة من أفواه أطفالهم ، وما ضرّه لو اعتبر تنازله عن الإيجار في هذا الشهر الكريم صدقة يعين بها هؤلاء المحتاجين على مواجهة جشع التجّار وأنانيّة الفجّار وحتى يمنحهم فرصة الفرح بالعيد ثمّ لكل "همّ" حديث .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/07/18

فاسحب ماشئت !


من باب إذا لم تستحِ "فاسحب" ما شئت ؛ تلجأ حكومة غير رشيدة في بلدٍ ما إلى التلويح بسحب جنسيات من يخالفونها الرأي ويحاولون كشف فساد غطّى الأفق علّها أن تثنيهم - لحاجة في نفس متعوس - عن المضي قدماً في ذلك رافعة شعار "اللي تكسبّه اسحبّه" .
هناك في الجانب الآخر يقف أولئك الخائفون من هذا التلويح والذين سيكونون من أوائل المتضررين لو طبّق عليهم هذا القرار فعلاً وهم يردّدون "أكلتُ يوم أُكل الثّور الأبيض"، ويمرّ في ذاكرتهم العديد من المواقف التي اتّخذوها أو التي تخاذلوا عن الوقوف في وجه متّخذيها في مناسبات مشابهة لهذه المناسبة مع الفارق طبعاً ، فلطالما صفّقوا لسحب جنسية من اتّصف بالإرهاب أو من قلّ أدبه مع رموزنا الدينية - مع يقيننا بضلاله وانحرافه - ناسين أو متناسين أنّه من الممكن أن يُشهر ذات السلاح في وجوههم من قبل خصومهم ، وما أقسى أن تُضرب على ظهرك بذات العصا التي كنت تضرب بها خصومك وما أقسى أن تُطعن بذات الخنجر الذي قهقهت عالياً وأنت ترى خصومك يطعنون به .
كنتُ ولا زلت أقول بأنّه يجب إبعاد الجنسية - أي جنسية في أي بلد - عن مبدأ الثواب العقاب فهي ليست قميصاً تستر به جسداً اليوم لتعري منه آخر غداً ، وليست صحناً مليئاً بالطعام تضعه أمام الجائع لتساومه على السير كما تريد ، بل هي إثبات مواطنة وامتداد لجذور عاشت هنا وساهمت في نهضة هذا الوطن كلّ بحسب موقعه ، ولافضل لمواطن على آخر إلا بما يقدّمه من أجل وطنه .
تقوم بعض الحكومات بغباء منقطع النظير بتقديم خدمة كبيرة لخصومها حين تستخدم مثل هذه الأساليب غير الشريفة وتجعل منهم أبطالاً في عيون الشعب كما أنّها تبدو أكثر ضعفاً حين تستخدم أساليب التهديد المبطّن عن طريق التضييق على مخالفيها في أرزاقهم كالتلويح بالطرد من الوظيفة أو البيت أو تسجيل قيد أمنيّ لايغتفر أو ماشابه ذلك ، وفي بلدي تحديداً هذا الأسلوب ليس جديداً على الإطلاق بل لطالما رأيناه سلاحاً يُشهر في وجوه الغاضبين - قسراً - من البدون في حين كان الغاضبون منه اليوم على "الكراسي" يضحكون .... مالكم كيف تحكمون ؟! .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/06/18

وش حبوبُه ؟!


لأن "اللي على راسه بطحة يحسس عليها" بات صاحبنا يتحسس رأسه طوال الأيام العصيبة الماضية مع كل صيحة ضد الفساد يحسبها عليه ، ولأن العرب كانت تقول "كاد المريب أن يقول خذوني" بات صاحبنا يردد طوال الليل بصوت نشاز "يانواخذ اخذوني معاكم" ، ولا تستغربوا منه هذا الصنيع فقد حسمتها الأعراب منذ زمن فقالت "اللي ببطنه ريح ما يستريح" !
مقاطع فيديو تذكر ، ومؤامرات تحاك ، وخيانات على مشارف المدينة ، وتحويلات لأناس في مناصب حساسة ومؤثرة ، وأسماء يتوارد ذكرها بين الحين والآخر وكل ما سبق ليس لصاحبنا ذكر فيه ، ولكنك تجده الأكثر بكاءً وعويلاً ، والأشد صراخاً ودفاعاً عن غيره ، وكأنه يريد أن يثبت لنا أن وراء أكمة دفاعه عنهم ما وراءها وأن المريب مهما كان ماكراً وخبيثاً فإنه يكاد أن يقول خذوني .
لا شكّ أن هناك أناساً ليسوا متورطين تماماً في قضايا الفساد التي تشهدها البلد ولكنهم بالتأكيد مستفيدون من بقاء الوضع الراهن على ما هو عليه ، وأن بيئة فاسدة كهذه تكفل لهم حياة ترف أطول وتضمن بقاء البشت على ظهورهم لفترة أطول حتى لو تظاهروا بأن البشوت لا تهمّهم ولا تغيّرهم .
على غرار ذلك "الشايب" الذي أراد تهريب حبوب ممنوعة وكان يتصبب عرقاً ولما اقترب منه موظف الجمارك وألقى عليه السلام ردّ "شايبنا" بـ "وش حبوبُه" ؟! ، واصلوا إطلاق صيحاتكم ضد الفساد رحمكم الله وستجدون "صاحبنا" مع كل صيحة تطلقونها يقف على رؤوس الأشهاد ليردد "وش حبوبُه" يا معارضة ؟! 


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/06/12

ما لي شغل بالسوق !

في بلدي الحبيب استطاعت الحكومات غير الرشيدة المتاعقبة منذ زمن مع أختها اللدودة المعارضة المتشتتة "الله يحييها" على جعل "اللي ما يشتري يتفرّج" في سوق المطالب الحقّة وذلك عن طريق إبعاد أولى الناس بشراء "الحقوق" ببذل الغالي والنفيس وهم البدون عن طريق إنكار حقوقهم أصلاً وهذا ما قامت به الأولى غير الرشيدة أو تهميش مطالبهم وعدم وضعها حتى في الصف الأخير من ضمن أولوياتهم وهذا ما قامت به الثانية المتشتتة ، ليبقى أولى النّاس بالشراء يقفون موقف المتفرّج رغماً عنهم تارة وذلك عن طريق تهديدهم وتخويفهم أو باختيارهم تارة أخرى وذلك لأنّ جروح خذلانهم في تيماء لم تندمل بعد .
في سوق المطالب في بلدي يتداعى الآلاف للتجمع في ندوة ليس للإنسان فيها نصيب بل جلّ حديثهم سيكون عن الأموال التي تسرق وتنهب وهذا للأمانة ليس بجديد إطلاقاً وإن كانت المسألة قد تجاوزت حدّ المعقول في الآونة الأخيرة ، ولكنهم أبداً لن يتحدّثوا عن أحلام تُسرق وعن طفولة تنتهك وعن حقوق تُسلب ، لن يتحدّثوا عن شيخ طاعن في السنّ أفنى عمره في حمل السلاح دفاعاً عن البلد ليكون جزاؤه في النهاية كجزاء سنمار ، ولن يتحدثوا عن عجوز أنهكها المرض وهي لاتملك قيمة العلاج في المستشفيات الخاصة في بلدي فضلاً عن العلاج في الخارج ، ولن يتحدثوا عن شابّ يهيم على وجهه في الطرقات بلاعمل ولا أمل يتوسّد همومه ويلتحف أحزانه ، ولن يتحدثوا عن بنت تبخّرت كل أحلامها في أن تكون مدرسةً إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراقِ ، ولن يتحدثوا عن جيل خامس بدأ يشبّ وهو يردد "وطن الكويت سلمت للمجدِ" وسيفاجأ لاحقاً بأن الوطن "سالم لأهله" الذين لا يعتبرونه منهم إطلاقاً بل هو نطفة أودت بها شهوة لم تقدّر عواقب الأمور وما شاء الله كان ، بل إنهم لو أرادوا الحديث كما أعلن بعض الحقوقيين في السابق فلن يكون هناك حضور يتجاوز أصابع اليدين والقدمين لأنه وببساطة "فلوسنا أولى" . 
شقيقي في المواطنة قلبي معك ، وسأكتفي هنا بقلبي ، لأنك اكتفيت ولا زلت تكتفي به وأنت تتحدث "بجهل" عن الحقوق الإنسانية وعن الحق السيادي والمستحقين وغير المستحقين ، فلا تنتظر مني وفقك الله لما يرضيه كلمة "لا" وأنا الذي ظلمي ليس "أولوية" في "لاءاتك" ، شقيقي في المواطنة خذها بصريح العبارة أنا مالي شغل بسوق "مطالبك ولست بنداً من ضمن بنودها" ومرّيت أشوفك ، سلّم تكفااااا .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/05/20

شقّيت الفانيلة ؟!

في مقطع يوتيوب انتشر قبل فترة بسيطة يظهر طفلان عراقيان وهما يتشاجران ويشدان ملابس بعضهما ، ونظراً لهذا الشدّ "المتوقّع" تتمزّق "فانيلة" أحدهما فيجنّ جنوناً ويردّد على خصمه وهو يضربه : "شقّيت الفانيلة؟!" ، مجسداً صورة واقعية لردة فعل عفوية للإنسان حين يتعرض شيء مما يعتبره من المهمّات لديه للتلف والعبث على يد الغير ، ولا يخفى على متابع ما يتعرض له الشعب العراقي المسكين من مآسي ونكبات كانت كفيلة بجعل تلك "الفانيلة" أعز وأغلى ما يملك ذلك الطفل الغاضب .
تخطيء كثيراً بعض الحكومات والأنظمة حين تحاول اختبار صبر بعض الشعوب "الغلبانة" عن طريق التعرض بين حين وآخر لأغلى ما تملكه تلك الشعوب "الغلبانة" هذه الأيام وهي لقمة العيش والتي لا تأتي بالساهل غالباً ، فتقوم برفع أسعار بعض المواد الأساسية كالخبز والوقود وما شابهها في الأهمية ، ولطالما رأينا ردّات فعل غاضبة لتلك الشعوب ورأيناها كيف تدمّر كلّ ما تمرّ عليه ، وهي ردّة فعلٍ - وإن اختلفنا معها - عفوية بل لا تقلّ عفويّة عن ردة فعل ذلك الطفل العراقي الغاضب ولكنها ردة فعل بمستوى شعب غاضب ولك أن تتخيّل شعباً كاملاً يردد بصوت واحد بما معناه "شقّيت الفانيلة؟!" .
في بلادي بالكاد يتحصل البدون على لقمة عيشهم والتي يبحثون عليها في زقاق هذه الحياة الصعبة ثم يعودون بها ليحاولوا حمايتها من عوامل تعرية "الالتزامات الشهرية" والتي يكون لإيجار مساكنهم نصيب الأسد منها ، بل والمضحك "همّاً" أن هذا الإيجار غالباً ما يفوق قيمة الراتب ، وبعد كل هذه المعاناة الموجبة للغضب والسخط تأبى الحكومة إلا أن تمدّ يدها على فانيلة "ضنك" البدون "لتشقّها" عن طريق السماح لتجّار المدارس الخاصّة برفع الرسوم الدراسية ابتداءً من الموسم الدراسي القادم على أن يتحمل ربّ الأسرة البدون هذه الزيادة لا الصندوق الخيري ، فبالله عليكم كيف سيكون وقع هذا الخبر على من لايجد قوت يومه إلا بمشقّة بالغة ، وإن وجده عانى الأمرّين حتى يحافظ عليه من طمع صاحب مسكن لايرحم وصاحب مدرسة أشدّ قسوة منه ؟! ، وهل تودّون سماع البدون - بعد أن ضايقتموهم في أعز ما يملكون وهي لقمة العيش - وهم يصيحون بصوت واحد غاضب : شقّيت الفانيلة ؟! .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/05/16

بدون للبيع !


كم هو مؤلم حقّاً أن تشعر بأنّك همّ يجثو على صدر الوطن لايزيلك رقية راقٍ ولا دواء طبيب ولا خارطة طريق ، وكم هو مؤلم حقّاً أن تشعر بأنّك غير مرغوب بك في مكان ما كنت - لفرط جهلك - تحسبه بيتك ! ولكنك اكتشفت أن شركاءك في المسكن لايعتبرونك أكثر من دخيل عليهم يعدّون عدد اللقمات في يدك وهم يردّدون "يابخت من زار وخفّف" ، ويمنّون أنفسهم برؤيتك تحمل زوّادتك التي ليس بها سوى "قوت الأموات" ولسان حالك يقول :
أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا
ليوم كريهةٍ وسداد ثغرِ
ليصبح حينها باطن الأرض أحبّ إليك من ظاهرها فترفع شعار "ألا موتٌ يباع فأشتريه" ، وكأن قطريّ بن الفجاءة كان يقصدك حين قال  :
وما للمرء خير في حياةٍ
إذا ما عُدّ من سقط المتاعِ .
هناك في سوق "جَمعة" الظالمين تُعرض أنت وأبناء جلدتك للبيع "ببساطة" كما تُباع الأغراض المستعملة ولكل امريء ثمنه المكتوب على جبينه بحسب ما أكل الدهر وشرب من جسده ، وبحجم ما تبقى فيه من رغبة في العيش ومقاومة "تكاليف الحياة" التي أسأمت زهير بن أبي سلمى قبله ، "والسوّامة" الذين يسيمونك سوء العذاب بنظراتهم يزيدون اشتعال النار في جسدك الذي يخجل من احتراقه جسد البوعزيزي على جلالة قدره ، وما بين البايع والشاري يفتح الله جروحك التي لاتندمل ، وهناك مكان مخصّص للمتفرجين ، وللشامتين أيضاً نصيب .
هكذا ببساطة تُذاع أخبار بين الحين والآخر عن رغبة الوطن ببيع أبنائه الذين يعتقد أنهم ليسوا من صلبه ، ومع يقيني بأنها أخبار كاذبة حين إشاعتها على الأقلّ ، لكن مطلقها لم يطلقها عبثاً وأن له مآرب أخرى من خلال ذلك ، وأن ما أطلقه اليوم ككذب قد يكون صدقاً محضاً إذا ما قوبل ببرود ردات الأفعال الشعبية أو ربما بالترحيب .... من يدري ؟!
"البدون" ياسادة ليسوا من ممتلكاتكم الشخصية حتى تقوموا بعرضهم للبيع على من تشاؤون ، ولايجوز "شرعاً" بيع ما لاتملكون ، بل البدون أنفسهم هم الذين يملكون قرار تحديد مصيرهم بالبقاء أو المغادرة هرباً من جحيم عنصريتكم ، وأظنّهم قد قالوها لكم من قبل ولا زالوا يرددونها : "سوف نبقى هنا" .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/05/12

لكم همّكم وله همّ !


تتعدد الهموم والحزن واحد ، وتتنوع الآلام والجرح واحد ، وتتكاثر الدموع والحسرة واحدة ، وكل الطرق تؤدي إلى لاشيء في عالم يريد منك أن تشاركه همّه بينما يقف هو موقف المتفرج عليك وأن تصارع همومك .
يلومونه لأنه لايشاطرهم همومهم تجاه الوطن الذي يحتويهم وهو الذي يعتبر نفسه أخاً لهم في المواطنة ، يسألون عن غيابه عن محافلهم ندواتهم اعتصاماتهم ساحاتهم مسيراتهم ، دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء سؤال أنفسهم عن غيابهم هم عن كل ما يخصّه .
ياسادتي الكرام قد تتشابه ملامح الهموم لكن تفاصيلها حتماً تكون مختلفة ، فرفقاً بصاحبكم يرحمكم الله ، وأقيلوا عليه لا أبا لأبيكم من اللوم أو دعوه وشأنه ، فإن صاحبكم عن همومكم في همّ ، فحين تشتكون أنتم من همّ المشاكل السياسية التي تعصف بالبلد يكون همّه هو تلقّف مانشيتات الصحف لتصاريح بعض الساسة ممن يبيعون خبز الوهم للجوعى على قارعة الطريق منذ عقود ، وتتبع وعود الحكوميين منهم ممن يذهبون بك إلى النهر ثم لايسمحون لك بالشرب لتعود منه عطشاناً ، وتتبع صيحات المعارضين منهم ممن لم يجعلوه أولوية بالنسبة لهم ولا حتى ثانوية بل جعلوه قضيته كقطع غيار يستخدمونها حال الهدوء الذي يسبق عواصفهم .
وحين تشتكون أنتم من همّ المشكلة الإسكانية يكون همّه منصبّاً على كيفية تحصيل إيجار مسكنه ودفعه لصاحب البيت الجشع الذي لا يرقب فيه إلاًّ ولا ذمّة قبل أن يدخل الشهر الجديد ليبدأ ذات الهمّ من جديد وتبدأ معه مرحلة تجميع الإيجار الذي هو أساساً يفوق راتبه وهذا لغزٌ لا يفهمه إلا من عاشه ! ، كما أنه يحاول ألا ينسى أن يدعو الله في كل صلاة أن يعمي بصر صاحب البيت عن عدّ أولاده لأنه في بلدنا أصبح الإيجار مرتبط بعدد الأولاد ولا عزاء للصين ! .
وحين تشتكون أنتم من همّ المشكلة التعليمية وضعف التعليم يكون همّه هو كيف يوفّر ما يحتاجه أبناؤه من لوازم مدرسية أصبحت تثقل كاهل أصحاب الرواتب العالية فكيف بمن راتبه لا يتجاوز الثلاثمائة دينار ، حاملاً في الوقت ذاته همّ حثّ أولاده على المواصلة في التعليم وعدم الاستسلام للسؤال الذي يراود كل أبناء جلدتهم وهو : وماذا بعد الدراسة ؟! .
وحين تشتكون أنتم من همّ الغلاء وضعف الرواتب يكون همّه هو منصبّاً على الدعاء بألا يطرد من وظيفته البسيطة التي لا يجد معها أي أمانٍ وظيفي فقرار طرده خاضع لمزاجية مسؤوله مهما كانت وظيفته فقد ينام موظّفاً ويصبح عاطلاً ، وهو في الوقت ذاته يحمل همّ التفكير في أنه سيظل يعمل ويعمل ويعمل حتى يوسّد في التراب دفيناً إذ لا تقاعد يلوح في الأفق يمكنه أن يتمتّع به كباقي البشر .
أرأيتم ياسادة كيف أنه أشغله همّه عن همومكم ؟! ، ولعلّ وجه التشابه الوحيد بين همّه وهمومكم أن كلّكم يشتكي وطنه ، لكن الفرق هو أنكم تشتكون وطناً يماطل في إعطاء حقوقكم ، بينما يشتكي هو وطناً يجحد حقوقه أساساً ، فرفقاً به وهو الذي عاش خمسة عقود "بدون" أمل ، ويتمنى أن يعيش ما تبقى من عمره "بدون" ألم ، واعلموا أن لكم "همّكم" وله "همّ" .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/05/10

تحت تأثير الحمّى !


أصدق الكلمات هي تلك التي تخرج رغماً عنّا حتى لو حاولنا إغلاق جميع المنافذ في وجهها ، وحتى لو حكمنا عليه بالسّجن المؤبد في قلوبنا ، وهي التي تكتبنا قبل أن نكتبها وترسمنا قبل أن نرسمها ونراها تنساب من رؤوس الأقلام بنعومة قل نظيرها وبعفوية قلّ مثيلها ، وأكذب الكلمات هي تلك التي تعرض على لجان التفتيش في العقل مراراً وتكراراً فتحسب عدد حروفها وطريقة تشكيلها وتُعرّضها للشطب تارة وللتعديل تارة أخرى حتى تعود بلا لون ولا طعم ولا رائحة وتصبح قوالب جامدة كتلك التي نسمعها في نشرات الأخبار .
الأقلام / لوحات المفاتيح ودودة مع من يتواصل معها دائماً ويتعاهدها بالزيارة وحسن العشرة ، ولكنها سريعة التنكّر لمن يبتعد عنها طويلاً ويهمل التواصل معها والاطمئنان عليها حتى يصل بها الحال إلى أنها لاتستجيب له حين يعطيها الأوامر بترجمة ما في القلب والفكر ، لذلك لا تحسن ظنك بقلمك الذي هجرته طويلاً وحاول العودة إليه رويداً رويداً فإن مثلك كمثل لاعب الكرة إذا هجرها لفترة يستحيل عليه الرجوع لسابق مستواه سريعاً .
دائماً اعتبر كل فكرة تراودك ضيفاً عزيزاً عليك فأحسن استقباله ، وقم بحق ضيافته ، واذبح له أسمن ما لديك من إبداع ، وقدّم له ما لذّ وطاب من الكلمات الجميلة والعبارات الرائعة ، فإن الأفكار إذا لم تحسن استقبالها أو تأخرت في ذلك تغادر سريعاً وربما لا تعود أبداً .
حين كتابتك كن على سجيّتك وطبيعتك وإياك أن تحاول أن تكون غيرك لأنك إن حاولت فعل ذلك فشلت وعدت أسوأ مما كنت تظنّ نفسك عليه حتى تصبح كالغراب الذي أضاع مشيته ومشية الحمامة ، ولا تجهد نفسك وحرفك بتغطيتهما بغطاء المثالية لأنك مهما فعلت ذلك فضحتك زلات لسانك وخربشات قلمك على حين غرّة ولله درّ زهير بن أبي سلمى حين قال :
ومهما تكن عند امريء من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلمِ

كتبت هذه الحروف تحت تأثير الحمّى وبعد يوم كامل قضيته مع الأدوية وأنا حبيس "البطانيات" لذلك أنصحك عزيزي القاريء حين تقرأه بـ "لاتنقله عنّي ولا تاخذه جدّ" كما يقول الشاعر نزهان الشمري .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/05/07

تخيل معي !


أغمض عينيك لدقائق حاول أن تتخيل معي ما سأقوله لك فلربما ترى بعين بصيرتك ما لم تستطع رؤيته بعين بصرك ، ولربما تستشرف عبر خيالك ماذا سيحدث لو صلحت فعالك ، وربما سترى الوضع من حولك جميلاً حتى لو لم تكن جميلاً .
تخيل معي لو أن كل هذا الكم الهائل من المشكلات العالقة منذ سنوات طويلة تمّ حلّه ، تخيل لو تمّ حلّ مشكلة البدون وأعطي كل ذي حقّ حقّه وسُمح لمن حُرم باللجوء للقضاء ، تخيل لو تم حلّ المشكلة الإسكانية وتحصّل كل مواطن على بيت بعد زواجه بفترة يسيرة ومن لم يجد بيتاً يتملكه وجد ما يؤجره بسعر مناسب ، تخيل لو تم حلّ المشكلات الصحية وأصبح المواطن والمقيم على حدّ سواء يتمتعان بخدمة صحيّة مممتازة وتم بناء مستشفيات على نمط حديث تنافس تلك التي نراها في الدول المتقدمة  ، تخيّل لو تم حل المشكلات التعليمية وتم بناء جامعات تتسع لحجم المخرجات التعليمية من المدارس الثانوية وتم تعديل المناهج بما يتناسب مع مستوى الطلبة ، وتخيّل لو دارت عجلة التنمية بسرعتها القصوى غير آبهة بكاميرات الانتقاد والتحبيط ، وتخيّل وتخيّل وتخيّل ....
عندها لن يكون هناك حكومة فاسدة لأنها لن تجد البيئة القذرة التي تستطيع العيش فيها ولن يكون هناك متكسبون يصعدون على ظهر الفساد ليقتربوا من المفسدين ويسمون أنفسهم البطانة ، ولن يكون هناك معارضة تجيد مهارة الصراخ لتدغدغ عواطف الناس ومشاعرهم وتختبيء خلف عبارات محاربة الفساد وطلب العزة والكرامة ، ولن نكون بحاجة لهذا الكم من القنوات والصحف الفاسدة التي تروّج لهذا تارة ولهذا تارة والأولوية لمن يدفع أكثر ، ولن نكون بحاجة لزيادة عدد أفراد القوات الخاصة بين فترة وأخرى لأننا سنضمن استقامة النّاس فالنّاس يقوّمهم العدل ، ولن نكون بحاجة ندوات ومحاضرات عن الأداء الحكومي وتسليط الضوء على الفساد لأنه سيصبح ضرباً من الخيال ، ووووو....
توقف قليلاً ياعزيزي وافتح عينيك لتنصدم بواقع أنت صنعته أو ربما ساهمت بصنعه بحسب حجم الفساد في داخلك ، فما كان كل ذلك إلا مركب خيال سرعان ما تحطمه أمواج الواقع العاتية ، والدول لا تبنيها الأحلام أبداً .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/04/20

المنصهرون !

علميّاً : تحتاج المعادن إلى درجة حرارة عالية جدّاً لتصل إلى مرحلة الانصهار والتحول من كونها صلبة إلى سائلة ، عمليّاً : نجد أن نار المواقف التي تعرض لها الوطن منذ القدم كانت كفيلة بإيصال البدون إلى مرحلة الانصهار حبّاً فيه لتتحول أجسادهم الصلبة في وجه المحن إلى "سائلة" تسأل الله الأمن والأمان للوطن ومن ثمّ تغور في باطن أرضه لتكوّن كثيراً من بتروله الذي هو أصل ثرائه وأسّ غناه ، فخفّف الوطء أيها العنصري فما أظنّ "بترول هذه الأرض" إلا من هذه الأجسادِ .
لست أعير بيانات "الجهاز" المعني بحل قضية البدون أي اهتمام غالباً ، كونها تحوي الكذب الصراح وتأتي في طور المدافع عن عمله وسياسته في حل القضية غالباً ، ولكنّ البيان الأخير الذي أصدره "الجهاز" جاء مغايراً هذه المرّة إذ أراه انتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم عبر مهاجمة البدون أنفسهم عن طريق عبارات فضفاضة وتهم باطلة كانت واسعة جدّا على جسد قضية البدون ، وحتماً سيغترّ بها الجاهلون وسيعرف مدى سخفها العاقلون ، كما أنّه ينذر - ربّما - بتغيّر في إدارة ملف القضية ويعطي إرهاصات باقتراب مزيدٍ من التضييق على البدون يذكّرنا بماحوته سنوات التسعينيّات وأوائل الألفيّة الجديدة . 
في بيانه الأخير ادّعى "الجهاز" أن البدون يصعب انصهارهم في المجتمع ! ، وكأنهم يعودون بأصولهم إلى بلاد ما وراء النهر أو أنهم من أدغال أفريقيا ! ، وهم الذين يعلم الجميع بما فيهم "الجهاز" نفسه بأنهم يعودون بأصولهم لذات القبائل والبلدان التي يعود إليها إخوانهم في المواطنة ، وأنهم ليسوا بحاجة إلى انصهار في مجتمع هم أصله وأساسه ولا في بلد قام على أكتافهم وشاركوا في بنائه لبنة لبنة .
إن الحديث عن الانصهار حين يثار لا يجب أن يكون المقصود فيه "البدون" ، بل يجب أن يكون مداره حول الآلاف من الآسيويات والأفريقيات اللواتي تم تجنيسهن خلال السنوات الأخيرة كونهن زوجات لكويتيين ، فهل كُنّ صالحات للانصهار في المجتمع ؟! وهل أدى تجنيسهن إلى العبث بالنسيج الوطني ؟! أم أن هذه الاسطوانات المشروخة لا يتم تشغيلها إلا حين يكون الحديث حول تجنيس البدون ؟! .
في بلد أصبحنا نرى فيه "كويتية من أصل أثيوبي" يعتبر كذباً الحديث عن نسيج اجتماعي وصعوبة انصهار لا سيما حين يكون الحديث عن مكوّن رئيسي من مكوّنات هذا المجتمع ، وستعلمون غداً من الكذّاب الأشر .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/03/29

الرد على خولة العتيقي


"لست نادمة على المساعدات التي قدمناها وزميلاتي في اللجنة النسائية بجمعية الاصلاح، ولكنني حزينة على بلدي وخائفة عليه من أن يصيبه مكروه من بعض هؤلاء ... " .
الكلمات أعلاه ليست جزءاً من الحلقة الأخيرة في مسلسل محلّي يبدأ بالعربدة وينتهي بالدموع ، ولكنها خاتمة مقال كتبته الكاتبة "خولة العتيقي" في إحدى الصحف المحليّة قبل أيام ليأتي استمراراً لنفس النهج الذي اتّبعته الكاتبة - هداها الله - منذ فترة والذي يرتكز على الدفاع عن رئيس الجهاز المركزي للبدون عن طريق الطعن في البدون أنفسهم وبولاءاتهم وانتماءاتهم وهذه المرة عن طريق الطعن في أخلاقياتهم أيضاً تحت ذريعة الخوف على الوطن مع دمعتين وموسيقى حزينة وكان الله في عون الوطن شو بدّه يتحمّل ليتحمّل .
لو كانت الكاتبة - هداها الله - عبّرت عن رأيها في رئيس الجهاز المركزي دون الطعن في الآخرين لقبل الجميع منها ذلك من باب حريّة الرأي المكفولة للجميع ، ولكنها بيّنت للجميع أنها ترفع شعار "عاد لينتقم" لاسيما وأنها عرجت في مقالها على ذكر الهجمة التي طالتها بعد مقال لها قديم في ذات الموضوع .
يجب ابتداءً على جميع من يتناول قضية البدون بالطرح أن يعلم أن من طرق الباب سيأتيه الجواب وأن أعراض البدون لن تسلم من التطاول عليها حتى يراق على جوانبها حبر المقالات ، فهم كغيرهم من أبناء هذا البلد تأخذهم الغيرة على أنفسهم حين يُطعن في ولائهم وانتماءاتهم وهم على مستوى متفاوت من التعليم والثقافة والتربية أيضاً وهذا حق لا نخجل من ذكره ، فلا يصلح أن يبني إنسان عاقل موقفه من قضية البدون وهي قضية الحق فيها واضح أبلج ؛ بناءً على مواقف بعض أبناء القضية ولا على أخلاقيات وسلوكيات بعضهم على فرض صحة ما ذكرته الكاتبة - هداها الله - في مقالها وهو شيء لا أثبته ولا أنكره .
في مقالها سالف الذكر لم تختلف الكاتبة كثيراً عن خصوم البدون في طرحها حيث اعتمدت على قاعدة المنّ من باب "شتبون بعد أكثر" عن طريق ذكر ماقدمته من مساعدات مالية هي أساساً ليست من جيبها بل في مال هي مؤتمنة عليه وذهب إلى مستحقيه ، ولا أعلم إن لم يكن البدون من مستحقي الصدقة والمساعدة في هذا البلد فمن يستحقها إذاً ؟! .
ثم عرّجت الكاتبة - هداها الله - على أنها تعرضت لمواقف اكتشفت من خلالها أن بعض البدون يحاولون الحصول على أكثر مما يستحقون ! ، وأنا أتساءل هل ما ذكرته الكاتبة - هداها الله - هو بدعة في هذا البلد أتى بها البدون - على فرض صحتها - أم أن إخوانهم في المواطنة من أصحاب الجنسيات يشاركونهم ذات الشيء وكلّ يعمل على شاكلته ؟! ، فمن الذين يحضرون الواسطات ليحصلوا على مساعدات من بيت الزكاة وهم ليسوا في حاجة لها ؟! ومن الذين يحضرون الواسطات ليحصلوا على بطاقات إعاقة ليستفيدوا منها وهم أصحاء معافون ؟! ومن الذين يحضرون عقود إيجار مزورة ليحصلوا على بدل إيجار حين كان حصراً على المؤجرين فقط ؟! هل هم البدون يا فاضلة ؟! ، إن مثل هذه التصرفات تنبع من كل ضعيف نفس قليل إيمان ولا علاقة لها بكون المرء بدون من عدمه وإن كنت أرى أن دوافع مثل هذا الفعل لدى البدون أكبر من دوافعه لدى غيره بسبب فقره وحاجته أما إخوته في الوطن إن فعلوها فهم من باب "الشيخ الزاني" .
ثم إن هناك مغالطة ذكرتها الكاتبة - هداها الله - في مقالتها تدل على سطحيتها في متابعة قضية البدون إنسانيّاً وأنها ربما كانت تشرف على تلك المساعدات لا أكثر ، وذلك حين قالت : "حين لم يكن هناك صندوق خيري أو صندوق أبناء العسكريين" وكل البدون يعلمون بأن أبناء العسكريين كانت تتحمل وزارتي الدفاع والداخلية رسومهم الدراسية منذ ابتداء تحويل الطلبة البدون للمدارس الخاصة وعدم قبولهم في المدارس الحكومية ولم يكونوا بحاجة لمن يدفع عنهم رسومهم الدراسية من اللجان الخيرية كما زعمت .
ختاماً يجب أن نعلم بأن المواقف الثابتة تجاه القضايا الحقّة إن ارتكزت على أرضية ثابتة لم تزعزها مثل تلك المواقف التي ذكرتها الكاتبة إن وجدت ، ولكنها حين ترتكز على أرض رخوة فإنها ما تلبث أن تتغير وتتبدل بأعذار واهية هي أشبه "بعذر ملّوح" .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/03/13

التعليم إلزامي يا سادة !


الهموم أنواع كما جاء على لسان العرب العاربة والمستعربة ، فقديماً قيل مامعناه : "همّ يبكّي وهمّ يضحّك" ، فيجب على كل مهموم أن يجعل لنفسه خطّة طواريء يواجه بها الهموم التي تنتابه بين حين وآخر على أن يستخدم لكل همّ ما يناسبه ؛ إمّا بكاء وعويل على غرار "أعينيّ جودا ولا تنفدا" ، أو من ضحك ورقص على غرار "لاتحسبوا أن رقصي بينكم طرباً" ، حتى ينتهي الهمّ بأقل الخسائر العُمْريّة ويتفرغ المهموم لاستقبال همّ جديد ليتعامل معه بمايناسبه أيضاً .
قرأت قبل أيام قانوناً جديداً أقرّه مجلس الأمة يقضي بعقوبات جديدة رادعة للوالد الذي يمنع ابنه من التعليم وتتضمن العقوبات الحبس شهراً أو غرامة بقيمة ألف دينار ! ، فكّرت كثيراً بهذا القرار الذي ظاهره فيه الحرص وباطنه - بالنسبة لي - فيه الهمّ ، ثم أخذت أفكر في نوعية هذا الهمّ حتى أواجهه بما يناسبه ، فوجدته همّاً من النوع المضحك بل الذي يجبرك على الاستلقاء على قفاك من شدة الضحك ولا بأس بقليل من التنكّس ياسادة "فالطير يرقص مذبوحاً من الألمِ" ، رغم أنه ذكّرني بهمّ قديم هو من النوع الذي يجبرك على البكاء دماً ، وذلك في تسعينيات القرن الماضي حين كان منظر كثير من أطفال البدون المحرومين من التعليم بسبب قلّة ذات اليد وعدم مجّانية التعليم يصل لدرجة عالية من الإيلام حتى يكاد أن يصيبك في مقتل ! ، مما أظهر جيلاً من الأطفال لا تتعجب إن قلت لك أنه أميّ أو نصف أمّي لا يجيد سوى القليل من القراءة والكتابة والحساب ، يوم أن كنت أرى أطفال البدون يبيعون الحلوى لأطفال المدارس وهم تخنقهم الحسرة والألم ولوعة الحرمان ، حتى أنني شاهدت بعضهم يرتدي لباس المدرسة رغم أنه لا يذهب إلى المدرسة تسلية من أهله له ، وعاينت بعض الأسر التي قامت بتسجيل أبنائها في المدارس - تسمى مجازاً مدارس في ذاك الوقت - بنظام "الشفتات" في كل سنة تسجل ابناً لها في حين يبقى الآخرون يصارعون لوعة الحرمان لعدم استطاعة الأسرة تحمل تكاليف دراسة الجميع ، وعاصرت بعض الزملاء في مقاعد الدراسة ممن كان يتم إخراجهم من الفصل يوميّاً بسبب عدم تسديد ولي أمره للرسوم الدراسية مما أدى لفصل بعضهم وطرده من الدراسة في ذلك الوقت حتى أشتهر بين أوساط الطلبة البدون مصطلح "طالب عسكري" و "طالب مدني" نسبة إلى ولي أمر الطالب والذي إن كان عسكريّاً فستتحمل وزارتي الدفاع والداخلية تكاليف الدراسة وماذاك حبّاً في البدون بل تنفيعاً لأصحاب المدارس ، وقد أدى ذلك كله وغيره لجعل بعض المحسنين - في وقته - جزاهم الله خيراً يقومون بتحويل بعض المساجد إلى كتاتيب يشرف عليها أبناء وبنات البدون المتعلمون مقابل أجر يسير وعمل عظيم لا زال يذكر فيشكر .
يا أعضاء مجلس الأمة أسألكم بالله ؛ ألا يستحق كل من كانت له يد في حرمان أولئك الأطفال البدون من حق التعليم أن يعاقب وأن تنزل به أشد العقوبات ؟! ، ألا يستحق من أخرج لنا جيلاً يعاني من ضعف القراءة والكتابة اليوم بين أبناء البدون أن يحال للقضاء ليقتص منه كل متضرّر ؟! ألا يستحق من جعل من البدون بضاعة تباع وتشترى بين أصحاب المدارس الجشعين أن ينال عقابه في الدنيا قبل الآخرة ؟! ، إن كنتم لا تستطيعون معاقبتهم  ؛ فاعلموا أن الله سبحانه وتعالى قادر جبّار ، وسيقتص لكل مظلوم ممن ظلمه وسيسأل من قتل أحلام أطفال البدون : "بأي ذنب قتلت" ، والآن أستأذنكم يا سادة في فاصل رقص "من شدّة الألم" بسبب هذا الهمّ المضحك المبكي ! .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/03/06

زيدوني سبّاً زيدوني !


ومن يجعل المعروف من دون عرضه
يَفِرهُ ومن لايتق الشتم يشتمِ

سامحك الله يازهير فحتى عهدٍ قريب كنت مصدّقاً لبيتك ، مؤمناً بما فيه ، مكرّرا له على الدوام ، مستدلاّ به على أن فعل المعروف يقي مصارع "السب والشتم" ، وأن المرء إذا تخلّق بالسخاء فإن كل عيوبه يغطيها السخاءُ ، وأن بحر الحسنات المتلاطم لا تكدره دلاء الحقد والخسد مهما بلغت قذارة ماءها ، ولكن خاب ظنّي وعدت من فهمي ذاك بخفي "حنين" إلى العزة والكرامة .
لا أظن أن فوق معروف البدون الذي يواجه بالحجود معروفاً ، ولا فوق سخاء البدون الذي يقابل بالشحّ والبخل سخاء ، فهم قد جادوا بأرواحهم رخيصة يوم أن ضنّ بها بعض من "لحم كتافه" من خير هذه البلد ، وضربوا أروع الأمثلة في الوفاء للوطن والذود عن حياضه والإخلاص في محبته حتى أصبح لهم في كل عرس وطني "قرص" افتخار وشرف وسبق ، وسجلوا أسماءهم في كل كشوف العزّ والكرامة ، وأبوا إلا أن يكونوا في الصفوف الأولى حين يعلو صوت الوطن .... والنتيجة ؟!
لم يصن هذا كله أعراضهم عن السب والشتم والطعن في الولاء والاتهام بالتبعية لدول أخرى والرغبة في التخريب والخروج على القانون ! ، فأي معروف قلّ لي يا زهير يصون العرض بعد هذا المعروف  وهل من سبيل إلى اتقاء سباب القوم والبعد عن نباح كلابهم ؟!
كواولة .. بعثيون .. حرس ثوري .. هكرة .. عراقيون .. سوريون .. إيرانيون .. لا ولاء لهم .. مرتزقة .. هيلق .. لفو .. متكسبون .. حصّاية .. حاقدون .. مخربون .... هل سئمت عزيزي القاريء ؟! القائمة تطول وتطول بكلمات السب والطعن والنيل من البدون وعلى لسان من ؟! ساقط أو ساقطة ... ليبقى عرض البدون رغم كل ذلك المعروف والسخاء "يشتمِ" رغماً عن أنوفنا وأنف زهير !
لايعقل أن يصبح البدون "الطوفة الهبيطة" في هذا البلد بحيث لا يخلو لقاء تلفزيوني مع ساقط أو ساقطة إلا ويسأل عنهم من باب "صلّح لي وأشوت" ليتحمل ذلك الساقط والساقطة تسديد كرات السب والشتم في مرمى البدون والتي تسفر عن أهداف إعلامية بالطبع لأن حارس مرمى البدون مقيّد بالقيود الأمنية التي تمنعه من صد كرات السب والشتم ليقف موقف المتفرج وهو يصرخ "زيدوني سبّاً زيدوني" ، في ظل صمت مطبق من قبل الشرفاء في هذا البلد والذين يعرفون حق المعرفة أنه يجب أن "يتقى شر الحليم إذا غضب" .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/02/25

لقد آن للبدون أن يمدّوا أقدامهم !

حين تفاجأ الإمام أبوحنيفة رحمه الله بسؤال ذاك الرجل الذي هابه الإمام لمنظره الذي كان يكسبه هيبة سرعان ما تلاشت على إثر سؤال غبي ؛ قال قولته الشهيرة : "لقد آن لأبي حنيفة أن يمدّ قدميه" ، وعلى ذات النسق يحق لجميع البدون أن يمدّوا أقدامهم على إثر تصريح وزير الداخلية الذي طالب فيه الآباء البدون بتربية أبنائهم - على حدّ تعبيره - الذين يواصلون خروجهم للاعتصام لليوم السابع على التوالي بعد أن ضاقت بهم السبل وأرادوا لفت الانتباه لقضيتهم من جديد في بلد مشوّش تنسيه كل قضية جديدة قضاياه السابقة العالقة حتى أن بعضهم دفع ثمناً لذلك ألعابه النارية التي يقتات عليها في مثل هذه الأيام وتشكل له مصدر رزق يسدّ به رمقه حتى حين ، ليثير الوزير وفقه الله بتصريحه ذاك شباب البدون أكثر وأكثر بدلاً من امتصاص غضبهم .
أبناء البدون - ياسعادة الوزير - تمت تربيتهم على يد أهليهم أفضل تربية فهم على الرغم من الدوافع الكثيرة التي تؤزهم إلى الجريمة أزّاً تجدهم الأقل ارتكاباً للجريمة بحسب إحصائيات وزارتك الموقرة ، وهم قد تربوا على الشهامة والمرجلة وحب الوطن شأنهم شأن أسلافهم الذين قدموا أرواحهم رخيصة لوطنٍ قابلهم القائمون عليه بعد ذلك بالنكران والجحود ، وهم قد تربوا على الصبر والتحمل والسعي للكسب الحلال فافترشوا الأرصفة والدوارات يبيعون ما استطاعوا ليتحصلوا على قوت يومهم ولو سألت دوريات وزارتك التي تلاحقهم كالمجرمين أينما حلّوا لأخبرتك الخبر .
سعادة الوزير ... قد نختلف مع أبنائنا وإخواننا البدون في طريقتهم للمطالبة بحقوقهم المسلوبة منهم منذ عقود والتي تسعى أنت ومن سبقك في كرسي الوزارة على إشغالهم عنها عبر وعود هي أشبه بحقن البنج الموضعي لا أكثر ، وقد تختلف أنت معهم في طريقتهم أيضاً وهذا شأنك ولهم شأنهم وبينك وبينهم القانون وساحات القضاء .
سعادة الوزير ... هل طالبت أهالي سرّاق المال العام بتربية أبنائهم ، هل طالبت أهالي أصحاب الشقق المشبوهة بتربية أبنائهم ، هل طالبت أهالي المتاجرين بالبلد والذين جعلوا منها شركة مقفلة بتربية أبنائهم ، هل طالبت أهالي من يضربون الوحدة الوطنية ويفرقون بين مكونات الشعب عبر إثارة الفتنة بتربية أبنائهم ، هل طالبت أهالي بعض أصحاب الأقلام ممن يطلقون الكذبات على البدون ويطعنون في ولائهم وانتمائهم ويحاولون إيغار صدور أصحاب القرار عليهم ؟! ، أم أن نصيحتك تلك ضلت طريقها تجاه مستحقيها وسارت في الطريق الخاطيء نحو أهالي تيماء من باب "أبوي ما يقدر إلا على أمي" ؟! .
أبشرك ياسعادة الوزير فأهالي الشباب البدون قد أحسنوا تربيتهم وتعبوا وسهروا عليهم ، فلا تنشغل بهم ، وأشغل نفسك في كيفية إعادة الحقوق إلى أصحابها ، وحاذر من بعض الكلمات التي ربما تؤدي للمزيد من إثارة شباب البدون ، واعلم بأن المرء بأصغريه قلبه ولسانه ؛ حتى لا نضطر لمدّ أقدامنا بعد كل تصريح من سعادتك .


منصور الغايب
@mansour_m

2014/01/16

بل هم قوم مفلسون ..!


الإفلاس الفكري له صور عدة أحدها هو المداومة على اجترار ذات العبارات وذات المطالب كلما شعر المفلس بالجوع الجماهيري ، فيعود ليجترّ تلك المطالب من جديد ويسمع بعدها جشاء التصفيق يصمّ الآذان ، ويشعر بعدها بشبعٍ كاذب جرّاء خطابٍ هو في عرف المنصفين لايسمن ولا يغني من جوع .
إن التشبث بمطالب يعلم أصحابها علم اليقين أنها غير صالحة للتطبيق في عصرنا الحاضر لأسباب عدّة ؛ ماهو إلا صورة متكررة  من صور الإفلاس الفكري والتي يريد أصحابها أن يظهروا من خلالها بمظهر المتشبث بمطالبه والثابت على مواقفه ، والظافر بإحدى الحسنيين مع ترديد العبارات المساعدة كننتصر أو نموت والموت ولا المذلّة وقد لاتختلف عنها "إما نكون اللي نبي وإلا عسانا ما نكون" .
حين تصاب محركات التجديد لديك بالشلل التام عن إيجاد طرق بديلة للطرق التي باتت تقليدية ولا تحظى بمزيد قبول عند الآخرين ؛ فاعلم بأنك تعاني من الإفلاس الفكري والذي سيجبرك دون أن تشعر على تكرير نفسك في كل مرة وعمل نسخة كربونية منك وإعادة اسطوانتك المشروخة في كل تجمع وتكرار ذات الشيلات المصحوبة بالصفقات لتقول للجميع أنا أهوّس إذاً أنا موجود ، لتصنع منك مع مرور الوقت شخصاً مملاّ للغاية يستطيع المحيطون بك من إكمال خطابك بعد أول سطر منه .
إن المقياس الحقيقي لنجاح أي تحرك أو حراك للمطالبة بأمرٍ ما هو تطور طرق المطالبة به وتنوع أساليبها -الشرعية طبعاً- ومحاولة تحقيق مكاسب نوعية حتى لو كانت بمقابل تنازلات وقتية لأن السير ببطء أفضل كثيراً من التوقف لسنين طويلة في ذات المكان ، والرضا بالمكاسب العامة مع قلتها وتقديمها على المكاسب الشخصية التي تزيد في مثل هذه الظروف وتتسبب في صناعة الرموز الوهميين .
حين يتم إصدار بيان لايحوي شيئاً جديداً بل ولايختلف عن بيان كتلةٍ ما والذي جاء في الأصل متوافقاً مع بيان المجاميع الشبابية والذي جاء امتعاضاً من بيان للكتلة أيضاً في ذلك الحين فاعلم بأننا نعيش إفلاساً فكرياً من نوع خاص وكل بيان والسلطة بخير .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/01/01

عام جديد ... وجرح يتجدّد !

عام جديد .. وجرح يتجدد !

قد تبدو الأيام مملة ومؤلمة جدّاً حين يكون اليوم يشبه الأمس والأمس يشبه الذي قبله والغد لا يختلف كثيراً عن اليوم ، حتى ينتابك شعور بأنك لست سوى ممثل كومبارس في مسرحية فاشلة يعاد عرضها يوميّاً والمطلوب منك تأدية ذات الدور بلا خروج عن النصّ .لكن الأكثر  مللاً وإيلاماً أن تنام في ليلتك وأنت ترجو أن يطلع صبح يوم جديد وسعيد فإذا به يسيمك سوء الأحداث أشد من أخيه الذي سبقه ، حتى تجد نفسك باكياً على أمسك الذي كنت تبكي منه قبل ذلك !.
أيام تتلوها أيام ، وسنون تتلوها سنون ، هي بمثابة محطات انتظار لقطار يسير في درب السعادة لبعض الناس ، لذلك تجدهم يفرحون بتعاقبها وتواليها ، فكل عام يمرّ فإنه يدنيهم من محطة سعادة جديدة ، لحين وصول قطار أعمارهم إلى بلاد الفرح ، ولكن نفس تلك الأيام والسنين هي لبعض الناس وقوف على جمر الألم تغلي منه أدمغة العقلاء ، وسير ببطء إلى مقصلة تدك أعناق الأحلام وتنفذ حكماً جائراً لاغتيال الأمل ، فيعيشون بلا أمل وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل .
سنون تمضي وتلتهم معها وعوداً هي إلى الكذب أقرب منها للصدق ، ليتناقص يوماً بعد يوم عدد المصدّقين لها والداخلين ضمن أفواج المحبطين ، ويتزايد معها عدد سنين الصبر القاحلة التي تنتظر عاماً فيه يغاث الناس وفيه يفرحون ، لنعدّل من خطاباتنا التي تتسول تعاطفاً ونعدّل من أرقام السنين فيها لنثبت للمتلقين أننا أكثر دقة وحرقة .
كنا نعدّ ثلاثة أجيال من البدون تعاقبت على هذه البلاد وتعاقب الظلم عليها ، ثم دخلنا في الجيل الرابع الذي بدأ يرفض الظلم ويردد لدي حلم لكن أحداً لم يسمعه ، وها نحن نسير نحو جيل خامس نخشى أن يكون شعاره : ليس لديّ ما أخسره !  .
عام جديد وجروح عديدة تتجدد لكن جرح البدون الغائر يبقى هو الجرح الأبرز والأكثر إيلاماً والذي يرفض أن يندمل على الرغم من مرور خمسة عقود ولا زالت "الحسّابة بتحسب" !


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m