2014/01/16

بل هم قوم مفلسون ..!


الإفلاس الفكري له صور عدة أحدها هو المداومة على اجترار ذات العبارات وذات المطالب كلما شعر المفلس بالجوع الجماهيري ، فيعود ليجترّ تلك المطالب من جديد ويسمع بعدها جشاء التصفيق يصمّ الآذان ، ويشعر بعدها بشبعٍ كاذب جرّاء خطابٍ هو في عرف المنصفين لايسمن ولا يغني من جوع .
إن التشبث بمطالب يعلم أصحابها علم اليقين أنها غير صالحة للتطبيق في عصرنا الحاضر لأسباب عدّة ؛ ماهو إلا صورة متكررة  من صور الإفلاس الفكري والتي يريد أصحابها أن يظهروا من خلالها بمظهر المتشبث بمطالبه والثابت على مواقفه ، والظافر بإحدى الحسنيين مع ترديد العبارات المساعدة كننتصر أو نموت والموت ولا المذلّة وقد لاتختلف عنها "إما نكون اللي نبي وإلا عسانا ما نكون" .
حين تصاب محركات التجديد لديك بالشلل التام عن إيجاد طرق بديلة للطرق التي باتت تقليدية ولا تحظى بمزيد قبول عند الآخرين ؛ فاعلم بأنك تعاني من الإفلاس الفكري والذي سيجبرك دون أن تشعر على تكرير نفسك في كل مرة وعمل نسخة كربونية منك وإعادة اسطوانتك المشروخة في كل تجمع وتكرار ذات الشيلات المصحوبة بالصفقات لتقول للجميع أنا أهوّس إذاً أنا موجود ، لتصنع منك مع مرور الوقت شخصاً مملاّ للغاية يستطيع المحيطون بك من إكمال خطابك بعد أول سطر منه .
إن المقياس الحقيقي لنجاح أي تحرك أو حراك للمطالبة بأمرٍ ما هو تطور طرق المطالبة به وتنوع أساليبها -الشرعية طبعاً- ومحاولة تحقيق مكاسب نوعية حتى لو كانت بمقابل تنازلات وقتية لأن السير ببطء أفضل كثيراً من التوقف لسنين طويلة في ذات المكان ، والرضا بالمكاسب العامة مع قلتها وتقديمها على المكاسب الشخصية التي تزيد في مثل هذه الظروف وتتسبب في صناعة الرموز الوهميين .
حين يتم إصدار بيان لايحوي شيئاً جديداً بل ولايختلف عن بيان كتلةٍ ما والذي جاء في الأصل متوافقاً مع بيان المجاميع الشبابية والذي جاء امتعاضاً من بيان للكتلة أيضاً في ذلك الحين فاعلم بأننا نعيش إفلاساً فكرياً من نوع خاص وكل بيان والسلطة بخير .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

2014/01/01

عام جديد ... وجرح يتجدّد !

عام جديد .. وجرح يتجدد !

قد تبدو الأيام مملة ومؤلمة جدّاً حين يكون اليوم يشبه الأمس والأمس يشبه الذي قبله والغد لا يختلف كثيراً عن اليوم ، حتى ينتابك شعور بأنك لست سوى ممثل كومبارس في مسرحية فاشلة يعاد عرضها يوميّاً والمطلوب منك تأدية ذات الدور بلا خروج عن النصّ .لكن الأكثر  مللاً وإيلاماً أن تنام في ليلتك وأنت ترجو أن يطلع صبح يوم جديد وسعيد فإذا به يسيمك سوء الأحداث أشد من أخيه الذي سبقه ، حتى تجد نفسك باكياً على أمسك الذي كنت تبكي منه قبل ذلك !.
أيام تتلوها أيام ، وسنون تتلوها سنون ، هي بمثابة محطات انتظار لقطار يسير في درب السعادة لبعض الناس ، لذلك تجدهم يفرحون بتعاقبها وتواليها ، فكل عام يمرّ فإنه يدنيهم من محطة سعادة جديدة ، لحين وصول قطار أعمارهم إلى بلاد الفرح ، ولكن نفس تلك الأيام والسنين هي لبعض الناس وقوف على جمر الألم تغلي منه أدمغة العقلاء ، وسير ببطء إلى مقصلة تدك أعناق الأحلام وتنفذ حكماً جائراً لاغتيال الأمل ، فيعيشون بلا أمل وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل .
سنون تمضي وتلتهم معها وعوداً هي إلى الكذب أقرب منها للصدق ، ليتناقص يوماً بعد يوم عدد المصدّقين لها والداخلين ضمن أفواج المحبطين ، ويتزايد معها عدد سنين الصبر القاحلة التي تنتظر عاماً فيه يغاث الناس وفيه يفرحون ، لنعدّل من خطاباتنا التي تتسول تعاطفاً ونعدّل من أرقام السنين فيها لنثبت للمتلقين أننا أكثر دقة وحرقة .
كنا نعدّ ثلاثة أجيال من البدون تعاقبت على هذه البلاد وتعاقب الظلم عليها ، ثم دخلنا في الجيل الرابع الذي بدأ يرفض الظلم ويردد لدي حلم لكن أحداً لم يسمعه ، وها نحن نسير نحو جيل خامس نخشى أن يكون شعاره : ليس لديّ ما أخسره !  .
عام جديد وجروح عديدة تتجدد لكن جرح البدون الغائر يبقى هو الجرح الأبرز والأكثر إيلاماً والذي يرفض أن يندمل على الرغم من مرور خمسة عقود ولا زالت "الحسّابة بتحسب" !


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m