2013/10/18

رفقاً بالإنسان أولاً !

في القناة الأولى للتلفزيون الرسمي للدولة تستضاف فتاة لتتحدث عن حملة جمع تواقيع في أحد المجمّعات التجارية الكبيرة لسنّ قانون يجرّم التعدّي على حقوق الحيوان مستذكرة بعض قصص التعذيب التي تتعرض لها الحيوانات وخصوصاً الكلاب - أجلكم الله - في سوق "الجمعة" في ظلّ تأثر واضح من مقدمي البرنامج والذين ختموا تلك الفقرة بالشكر لها والسعادة التي تنتابهم لوجود فتاة كويتية تهتم بمثل هذا الموضوع .
عند تلك الـ (.) انتهت قصّة مضحكة جديرة بالسخرية والتندر منها ، وابتدأت قصة معاناة لآلاف من البدون على هذه الأرض لايجدون من ينتصر لهم ويطالب بإنصافهم إلا من قبل فئة قليلة من أبناء وطنهم ، في حين يتفرغ التلفزيون الرسمي للدولة للحديث عن حقوق الحيوانات واستضافة ناشطين في هذا الموضوع ، علماً بأن التلفزيون الرسمي لا يسلّط الضوء أبداً على قضية البدون وحجم المأساة التي يعيشونها إلا من خلال نظرة الجهاز المركزي والذي يمثل النظرة الحكومية الظالمة تجاه البدون .
كلما مرت السنين وتعقدت قضية البدون أكثر وأكثر كلّما صُدمنا أكثر بفئة ليست قليلة من الشعب تقف حجر عثرة في طريق حلّ هذه القضية الشائكة إلى جانب عدم الرغبة الحكومية الجادّة في حل القضية أساساً ، فالشعب بين "ضيّق عين" يظن أنه لن يجد له "لقمة عيش" لو تم إعطاء البدون حقوقهم ، وبين عنصري بغيض يعتقد يقيناً بأن "الله خلق وفرق" فكيف يستوي الأوّلون مع الآخرين ، وبين "جاهلٍ" بأصل القضية ابتداءً يردّد ليل نهار "مو ناقصهم شيء" وبين من لا يريد حتى الالتفات لهذه الفئة ولا الاعتراف بآدميتها بل يفضّل الانشغال بماهو أهم منها في نظره كالفتاة سالفة الذكر ضيفة التلفزيون الرسمي ، وبين كل هذه الأنواع من الشعب - هداهم الله - تبقى قضية البدون في محلّها تحاول ألا تتراجع إلى الخلف على الأقل فالتقدم إلى الأمام صار شبه مستحيل ووحدها أعمار أصحاب القضية هي التي تتقدم وتزداد لتنذر بفناء جيل وقدوم جيل جديد لن يكون كسابقه إطلاقاً في الوداعة واللطف .
يحزنهم منظر أربعة كلاب في قفص واحد ، ولايحزنهم منظر العشرات من البشر فيما يسمى مجازاً ببيت شعبي غلفته الصفائح ونظام النوم فيه "شفتات" ! ، يحزنهم منظر صراع الحيوانات بعضها مع بعض ولا يحزنهم منظر آلاف من البشر بعضهم يصارع الفقر ليل نهار وبعضهم يصارع وساوس الشيطان ودعوته للانحراف كل حين وبعضهم يصارع رغبة الانتحار في داخله مستغفراً ربه كل ساعة ، وبعضهم يصارع نظرات الاحتقار التي تأتيه من طرف خفيّ إن غادر بيئته ومجتمعه ! .
إن بلاداً يوجد فيها من لا يمتلك شهادة ميلاد ويوجد فيها أطفال يمنعون من التعليم وفقراء يمنعون من الزكاة ولا تتحصل فيها على عقود الزواج والطلاق وشهاداة الوفاة إلا بشقّ الأنفس ولا يسمح لك فيها بالعمل لتسد جوعك ويعامل فيها الأطفال الذين يبيعون "السيديات" و "الرقي" على الأرصفة كمعاملة بائعي المحرّمات ؛ لا يحق لأحدٍ فيها كائناً من كان التحدّث عن حقوق الحيوان ، بل إن الحيوانات نفسها لن تقبل بمن هذا وصفه أن يكون مطالباً بحقوقها في حين أنه يهمل حقوق أبناء جلدته ... وسلامي للقناة الأولى .


منصور الغايب
@Mansour_m

2013/10/13

مقاهي الفساد في الجهراء

عنوان المقال أعلاه ليس إلا وسماً في "تويتر" وضعه بعض الناشطين في مجال المحافظة على الأخلاق والفضيلة في محافظة الجهراء والتي بدت مؤخراً والله المستعان تعجّ بمناظر لم تألفها الجهراء في السابق حتى وصلنا لمرحلة أصبحت فيها المقاهي المنتشرة في المجمعات التجارية والتي يمتلكها متنفذون أشبه بأوكار الدعارة تؤجر فيها الكابينات بالساعات لإجراء مواعدات غرامية قد لا تخلو من فعل الفواحش ، علماً بأن تلك المجمعات ترتادها العوائل مما يجعل الخطر أشد وأعظم إذ إن تكرار مشاهدة مثل هذه المقاهي من قبل العوائل وتكرار مشاهدة الرجال والنساء يخرجون منها معاً سيجعل الأمر مستساغاً مع مرور الزمن فكثرة المساس تميت الإحساس والعذاب قادم إذا كثر الخبث .
ذلك الوسم "التويتري" سقط في التايم لاين كسقوط القنبلة ، وأجبر دويّ سقوطه الكثير من الأفاعي على الخروج من جحورها لتهاجم الدين والفضيلة باسم الحرية والكرامة ، وأجبرت رائحته الزكيّة الحشرات التي اعتادت أنوفها على شمّ الروائح الكريهة على خلع أقنعتها الزائفة بعد أن أصيبت بالاختناق ، ولله در ابن الوردي حين قال : إنّ ريح الورد مؤذً للجُعَل .
إن أشد من أغاظهم ذلك الوسم هم الليبراليون سنة أولى "ليبرالية" ، والذين يودّ أحدهم لو خلع سراويله وأظهر عورته أمام الملأ ليؤكد للناس على ليبراليته الجديدة فيحظى بعدها بنجمة يرسمها له أساتذته في الليبرالية على "مؤخرته" - كتلك التي ترسمها المعلمات على أيدي الطلبة المتفوقين في الروضة - ليذهب بعدها ويتفاخر بها أمام زملاء المهنة الوضيعة ليشعر بأنه "جاب راس الدريعي" وهو في الحقيقة "جاب العيد" على نفسه باستهزائه الذي تمجّه النفوس والفطر السليمة والذي يجعل منه أضحوكة بين الملأ لاسيما مع قراءة آخر اسمه وربطه بخبيث طرحه .
حاول هؤلاء القلة خائبين ربط انتقادهم للوسم المذكور بربطهم مواقف القائمين عليه تجاه الحرية والكرامة - زعموا - متناسين أن الحرية الحقيقية في كونك عبداً لله وحده ، تمتثل لأوامره وتجتنب نواهيه وتحارب من يبارز الله بنشر الرذيلة ، وأن العبودية في كونك عبداً للشيطان يستعملك كيفما يشاء في محاربة الدين ومعاداة أهله ، وأن أعظم الكرامة صون النفس البشرية عن الامتهان والجري خلف ملذات النفس حتى لا تصبح كالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ، والعجيب أن بعضهم ممن ينتمي للحراك الذي يحارب الفساد ويدعو لمسيرات واعتصامات لمحاربة الفساد وأهله ، فهل الفساد ومحاربته لا يشمل الفساد الأخلاقي والذي يكون مجال التكسب فيه معدوماً ؟! ، أم أنه حكر على الفساد السياسي والذي يفتح الاشتغال فيه أبواب التكسب على مصراعيها ؟! أفيدونا .  
كما أن هناك صنف آخر من الذين لا نشك بطيب نواياهم قد هاجموا ذلك الوسم ؛ لربطهم مواقف بعض القائمين عليه بتخاذلهم تجاه قضية البدون وضرب المتظاهرين والمعتصمين وهم أكثرية في محافظة الجهراء ، وهذا والله تحجير واسع ! ، إذ إن كلّ ميسّر لما خلق له ، وبعض هؤلاء الناشطين مجالهم بعيد جدّاً عن قضية البدون ولا يعلمون خوافي القضية أساساً ، لذلك سكوتهم خير وأبقى ، وجلّ اهتمامهم كما أعرف عن بعضهم هو القضايا الأخلاقية والظواهر السلبية في المجتمع ومحاولة نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة وهذا جانب عظيم يشكرون عليه ، وحتى لو اختلفنا معهم في قضايا أخرى إلا أننا نشدّ على أيديهم في هذه القضية تحديداً فالهلاك إذا أتى يعم الصالحين وغيرهم .


منصور الغايب
@mansour_m

2013/10/11

فرحة العيد للجميع

من ليس يسخو بما تسخو الحياة بهِ
فإنه جاهلٌ ... بالحرص ينتحرُ
إيليا أبوماضي
أعظم البخلاء هم أولئك الذين يحتكرون الفرح لهم وحدهم ، ويريدون الابتسامة لهم وحدهم ، والسعادة ملكاً حصرياً لهم ، يحتلون من الأنانية المرتبة العليا ، ومن حب الذات الدرجات الأولى ، يظنون أن مراكب السعادة لا تتسع إلا لراكب واحد ، وطائرات الفرح لا بد لركوبها من تذاكر لا يملكها سواهم ، فيبخلون بها على غيرهم من الناس .
يقول الأولون " ياربّ ارزقني وارزق منّي" ، وليتنا سرنا على خطاهم ورددنا اللهم ارزقنا السعادة ووفقنا لنعطيها غيرنا ليصبح المجتمع "جداً سعيد" ، فنقول على غرار البيت الجميل للجميل تركي عواد :
ليتها بعض البشر تعطي سعادة
كان صار المجتمع جدّا سعيد .
يقترب العيد وفي كل مرة نكرر ذات المواضيع التي نتناولها بالطرح في كل عام وفي نفس التوقيت ، وهي ارتفاع أسعار حاجيات العيد والغلاء الفاحش الذي يصاحب اقتراب العيد ، وليتنا سألنا أنفسنا سؤالاً واحداً فقط : إذا كان أصحاب الرواتب من الموسرين يتناولون هذا الموضوع بالطرح الذي يصحبه أسى فماذا عساه أن يقول ذاك المحروم الذي يعيش على هامش الوطن بلا راتب وبلا معيل سوى الله ؟! ، والذي يزداد حزنه مع اقتراب كل عيد ، فيحاول إخفاءه بتهانٍ باردة صباح العيد ، وبابتسامات ضريرة لا تجاوز شفاهه ولا تعرف لقلبه طريقاً ، وأنّى له أن يفرح وهو عاجز عن منح الفرحة لفلذات كبده الذين لا يعرفون قدوم العيد إلا من خلال ملابس العيد الجديدة على أجساد أقرانهم ، ومن خلال حكايات أطفال الجيران عن الملاهي والعيديات .
ننتحر دون أن نشعر ببخل سيقضي على كل فرح في مجتمعنا حين نبخل على مثل هؤلاء بقليل فرح يشاركوننا به ، وبقليل دراهم هي في الحقيقة لاشيء بجانب ما نصرفه دون أن نشعر على ما لانحتاج ولكنه في الحقيقة قد يهب السعادة لأناس هم في غاية الحاجة لانعاش قلوبهم بعمليات فرح سريعة ؛ حتى تتسع فرحة العيد لنا جميعاً فتغمر السعادة مجتمعنا بأكمله ولنشعر أن العيد للجميع وليس لمن يملك شراء فرحة العيد فقط .
في دول الغرب ومع اقتراب أعيادهم تنتشر إعلانات لخصومات كبيرة بل وتوزيع مجانيّ للفقراء لأنهم علموا يقيناً أن العيد لا يكون عيداً مالم يشمل الجميع والفرح لا يكون فرحاً مالم يدخل قلوب العاجزين عن تحصيله قبل غيرهم ليكون عيدهم بالفعل سعيداً وليس كإيانا نحن الذين لا نعرف عبارة عيد سعيد إلا من خلال فواصل الفقرات في القنوات التلفزيونية .
لن يضرك أبداً إن بدأت من اليوم في محاولة تصدير الفرح منك للآخرين ، عن طريق تلمس بعض المحتاجين وتوفير حاجيات العيد لهم ولأطفالهم ، ولو فعل كل واحد منّا ذلك لأصبح عيدنا محل فرح للجميع ، ومحط انتظار الجميع في كل عام بدلاً من أن يأتي ثم يذهب ثم يأتي ثم يذهب دون أن نأبه به أو نشتاق إليه ، جربها هذا العام مع من هم بالقرب منك ويسعكم رؤيتهم صباح العيد لتشعر حين تراهم فرحين مسرورين بأن عيدك هذا العام أصبح بفضل الله عيدين .


منصور الغايب

2013/10/08

جعلوني مجرماً !

لا أعلم لماذا مع كل جريمة تُرتكب ويكون المتهم فيها من البدون إلا ويشهر البعض لسانه ويحدّ سنانه وكأنه قد تحصّل على فرصة كان ينتظرها منذ فترة وهاهي قد أينعت وحان قطافها لينهال بكل ما أوتي من بشاعة على البدون ويصفهم بما ليس فيهم وأنهم المسؤولون عن كل الخراب الحاصل في البلد بل ربما في العالم أجمع بدءاً من قنبلة هيروشيما وناغازاكي وانتهاءً بثقب طبقة الأوزون ولا يهون الاحتباس الحراري وما استاد جابر عنّا ببعيد ! .
جريمة في الأفنيوس وبعدها بعام جريمة في المارينا ثم تلتها بأسابيع جريمة في الرحاب كان المتهمون فيها جميعهم من البدون وقد شُهّر ببعضهم في الصحف حتى قبل أن تثبت الإدانة وهو ما لم يحصل مع أي مواطن كويتي من قبل وكأن المواطن الكويتي بريء حتى تثبت إدانته والبدون مُدان حتى تثبت براءته إذ لا بواكي له .
لا ينكر أي عاقل منصف أن فئة البدون رغم كل الدوافع التي تدفع شبابها للانحراف قسراً تبقى هي الأكثر سلمية والأكثر اتباعاً للقوانين والأكثر مشياً بجانب الحيط ! ، والأقل ارتكاباً للجرائم مقارنة مع جميع مكونات المجتمع من مواطنين ووافدين رغم ما ذكرته ابتداء من مقومات تؤزهم إلى الانحراف أزّاً كالبطالة والفقر والحرمان من أبسط الحقوق وضحالة التعليم والشعور بالاحتقار من المجتمع مما يولّد لديهم رغبة في الانتقام ولولا بقية من إيمان ووعي ووازع ديني مع تمسك بعادات وتقاليد و"سلوم" قلّ نظيرها لاتّجه كثير منهم نحو هاوية الانحراف مبتعدين عن جادة الصواب. .
أنت يا من تطلق لسانك في أعراض البدون مع كل جريمة يُتّهم فيها بدون ، هل سألت نفسك يوماً ماذا عساه أن يفعل شاب بلغ الثلاثين من العمر وهو بلا وظيفة وبلا زوجة وبلا أولاد وبلا مستقبل بل وربما بلا طموح وبلا حلم ، يهيم على وجهه في الطرقات هرباً من بيت لاشيء أضيق منه سوى القبور وصدور العفون من الناس ! ، لا يحمل في جيبه ديناراً واحد حين تصرف أنت الدنانير على أبواب المطاعم الفارهة ، ولا يسمح له بالعمل في بلد تسمح لجميع الجنسيات بالعمل إلا البدون ويصل خيرها للشرق والغرب لكنه لا يعرف طريق المرور بتيماء والصليبية ، يرى قصص الحزن وروايات العذاب كل يوم في شيبات عجوزه وتجاعيد والده وأحلام إخوته التي هي رغم بساطتها غير قابلة لأن تصير واقعاً ، ماذا يفعل بالله عليك لو لم يتحلّ بالإيمان والصبر ؟! ماذا يفعل ؟! أترك الجواب لضميرك النائم بعد أن توقظه ! .
نحن شعوب اعتدنا منذ الأزل على صناعة طواغيتنا بأيدينا ، وعلى صناعة أبطالنا الوهميين بأيدينا ، وعلى صناعة المجرمين أيضاً بأيدينا وذلك حين نرمي أحدهم في بحر الحرمان مكتوفاً ونقول له : إيّاك إيّاك أن تبتلّ بالماءِ ! ، لذلك اعلم بأنك لست إلا أمام جيل من البدون لا زال يردعه إيمان وصبر وعيب ، ولعلّ هذه الثلاثة لا تكون متواجدة في الأجيال القادمة وحينها سيحقّ لكلّ مجرم في ذلك الجيل من البدون أن يقول وبالفم المليان : جعلوني مجرماً .

2013/10/04

سجن رجلٍ شجاع

لست ملمّاً بالأمور القانونية حتى أتحدث عمّا يستحقه أو لا يستحقه الأستاذ محمد الوشيحي والذي حكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة شهور مع النفاذ على خلفية شكوى تقدم بها الشيخ ناصر المحمد ضده ، ولكن من خلال متابعتي الدقيقة لكل ما يكتبه الأستاذ محمد الوشيحي في الصحافة المحلية والخليجية والعربية سابقاً وحتى ما يغرد به في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" فإنني وجدته عنيفاً في نقده ولكن باحترام ، وشديداً على خصومه ولكن بأدب ، ومؤذٍ لأهل البذاءة دون اتخاذ سبيلهم ولا سلوك طريقهم ، ومجادلاً عن رأيه بالتي هي أحسن ، وساخراً بلا تجريح ، ومنتقداً لخصومه بالتصريح تارة وتارة بالتلميح ، ورغم مساحات الاختلاف الشاسعة بيني وبين الأستاذ محمد الوشيحي إلا أنني يجب عليّ أن أقرّ بالفضل لأهل الفضل فهو ذو فضل عليّ لا يسعني نكرانه ، ولا يمكنني لقلة بضاعتي بيانه .
لاشك عندي بأنه مهما بلغت الإساءة التي يدّعي الشيخ ناصر المحمد عبر محاميه أن الأستاذ محمد الوشيحي قد وجّهها إليه فإنها لن تبلغ معشار ولا ربع معشار الإساءات التي كانت توجّه بالجملة من المحسوبين سياسياً على فريق الشيخ ناصر المحمد ضد أبناء القبائل وضد ممثلي الأمة في المجالس السابقة وضد مكوّنات المجتمع الكويتي والذي كان للبدون الحظ الأوفر منها أيضاً حتى سمعنا من يقول عنهم "لفو وهيلق وكواولة" تحت قبة عبدالله السالم ولم نسمع بأن أحداً من أولئك الساقطين قد صدر في حقه حكم بالحبس مع النفاذ إلا فيما ندر على أن يتبعه حكم استئناف مستعجل ليخرج بعدها كالشعرة من العجين وليبقى المتضرر يتحلطم على حظه العاثر حتى إذا ما جاء أحد مثل الأستاذ محمد الوشيحي وعبّر عما يجول في صدور المتضررين ببضع كلمات هي لا تقارن بما يدور في المجالس العامة والخاصة قيل : خذوه فغلّوه ولثلاثة أشهر في السجن اطرحوه .
إن مثل هذه التصرفات تزيد الحنق في قلوب الصامتين غيظاً وكمداً ، وقديماً قيل : اتّق شرّ الحليم إذا غضب ، فإلى متى يتم محاسبة المتضررين على ردّات أفعالهم ولا يتم محاسبة المتسببين في الضرر ابتداءً بل يتم إكرامهم وتبجيلهم على مرأى ومسمع من المتضررين أنفسهم تحت شعار : قل موتوا بغيظكم !
إن حكماً كهذا بالطبع يرفع من قدر الأستاذ محمد الوشيحي في عيون محبيه ومخالفيه من ذوي المروءة ، ولن يفرح به إلا خصم لا يعرف من المروءة إلا اسمها ولا من الشهامة إلا رسمها ، وإن البراءة في حكم الاستئناف للأستاذ محمد الوشيحي تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ ، وإنما هي أيام قلائل ليعود معانقاً سيفه / قلمه مقاتلاً في ساحات الفكر يقارع الحجة بالحجة  ويرد عنه البذاءات بدرعه ، فنصفق له إعجاباً إن وافق الحقّ ، ونبارزه بالسيف إن لاح في الأفق ضوء خلاف كما حصل سابقاً ، ومعه بالذات - ولايهون بعض الأحباب - "الاختلاف في الرأي لا يفسد للودّ قضيّة" أبداً .

2013/10/03

قناعة "اللصوص" كنز لايفنى !

مثيرة للضحك المسبب للسعال الشديد صورة ذلك اللص الصغير الذي أراد أن يتشبه بالكبار من اللصوص لأنه لم يستطع أن يكون مثلهم والتشبه بالكبار فلاحُ في مهنة اللصوصية ، فاتّجه لأقرب بقالة كيلا يخرج من مولد السرقات التي تعج بها البلاد منذ فترة الغزو بدون حمّص ، حتى ولو كانت السرقة لا تشبع ولا تغني من جوع ولكنها قناعة اللصوص ياسادة !.
أنواع متعددة من الكاكاو وبيبسي وسفن أب ومياه معدنية وعصائر وفطيرة وباكيت زقاير ورجل يجلس على أريكة منكساً رأسه وخلفه لوحة كتب عليها مديرية أمن حولي ، كانت هذه هي محتويات الصورة سالفة الذكر للّص الخطير الذي كان يهدد أمن البلاد والعباد والذي كان يعيث في الأرض فساداً والذي تحلى بخلق القناعة والذي نادراً ما يتحلى به اللصوص لا سيما من أبناء بلدي والذين لو كان لأحدهم واديان من ذهب "لسرق" الثالث .
تلك الصورة عندما تنظر إليها للوهلة الأولى وأنت غريب عن البلد وأحواله المتردية ينتابك شعور رائع بأن يد القانون تطبق على الصغير والكبير وعلى الشريف والضعيف وعلى سارق الكاكاو وسارق الناقلات فالكل سواسية أمام القانون وأنه مادام سارق الكاكاو قد تم التشهير به في الصحف فمن باب أولى أن من سرق الملايين قد تم تعليق جثٌته على أعمدة الإنارة .
ولكن اسمح لي أن أقول لك : لا ياعزيزي ! ما كانش يتعزّ ! ، فتلك الصورة في حقيقة الأمر ليست إلا انعكاساً لواقع بلدٍ إذا سرق فيه الشريف تركوه وإذا سرق فيه الضعيف أقاموا عليه الحدّ ، توضع فيه صورة لصوص "البقالات" في الصفحات الأمنية في الصحف وتوضع فيه صور لصوص "الناقلات" في الصفحات الأولى للصحف ، يلبس فيه اللص الصغير بدلة رياضية تعينه على الجري هرباً من قبضة رجال الشرطة ، بينما يلبس فيه اللص الكبير أفخم أنواع البشوت .
الشيء الإيجابي الوحيد الذي أراد أن يعلمنا إياه ذلك اللص الصغير سارق البقالة هو القناعة والتي لو تحلّى بها جميع لصوص البلد لعاشوا هم بالحرام وتركوا غيرهم من أبناء البلد يعيش حياة كريمة بالحلال ، ولأنه "لو كل من جاء ونجر ما ظلّ في الوادي شجر" فدعونا نستمتع قليلاً بأشجار بلادنا رحمكم الله .

2013/10/01

فاقد "الحلّ" لا يعطيه !


في روايتها "عائشة تنزل إلى العالم السفلي" كررت الكاتبة بثينة العيسى عبارة "فاقد الشيء لا يعطيه" والتي أتت على لسان الدكتور الذي حاول أن يبرر لعائشة " بطلة الرواية" سبب عدم مقدرتها على منح الحب لابنها الوحيد "عزيز" والذي فقدته فيما بعد في حادث سيارة ، فكان معنى جواب الدكتور أن فاقد المحبة لنفسه لا يمكن أن يعطيها للآخر لأنه تبين له أن "عائشة" لم تكن تحب نفسها أساساً حتى تمنح هذا الحب لابنها ولمن هم حولها .
وأنا أقرأ هذه العبارة تذكرت حكومتنا الرشيدة التي نطالبها دائماً بالوقوف مع الشعب وتتفيذ مطالبه أو محبته على الأقل ، لكنّ يبدو أن حكومتنا كعائشة في رواية بثينة العيسى لا تحب نفسها لذلك هي لا تستطيع منح الحب لغيرها وفاقد الحبّ لا يعطيه .
فاقد الحلّ أيضاً لا يعطيه فحكومتنا التي نطالبها ليل نهار بتقديم الحلول للعديد من المشاكل العالقة منذ عقود أو الطارئة على بلدنا ، كل المشاكل ابتداءً من قضية البدون المصيرية والتي يتعلق بها مصير مائة ألف أو يزيد من البشر بينهم وبين الحياة الكريمة صحارى قاحلة لم تنبت شجرها الوعود الكاذبة ، وانتهاءً بقضية الزحمة التي كانت إحدى بركاتها وفاة طفل قبل وصوله إلى المستشفى ، ومروراً بمشكلات السكن والبطالة والتعليم والأمن والمشكلات الاجتماعية من ارتفاع عدد حالات الطلاق وانخفاض معدلات الزواج وانتشار الرذيلة ووو ... شو بدّي أحكي لأحكي ؛ لا تمتلك حكومتنا الرشيدة حلاّ لها لأن فاقد الحلّ لايعطيه .
والصراحة هي أننا نظلم أنفسنا ونظلم حكومتنا الرشيدة بمثل هذه المطالبات المستمرة والتي أصبحت كالدواء المسكن نتعاطاها في اليوم الواحد كثيراً وبلا حاجة لوصفة طبيب ، وظلمنا لأنفسنا سببه أننا نطلب الشيء من فاقده وفاقد الشيء لا يعطيه إطلاقاً لذلك يجب علينا أن نريح أنفسنا من عناء المطالبة على الأقل وأن نقزّرها بحكومتنا "أم شوشة" إلى أن تأتينا الحكومة "المنقوشة" ، وأما ظلمنا للحكومة الرشيدة فسببه أننا نحملها ما لاطاقة لها به ونحن حين نريد أن نطاع فيجب علينا أن نطلب من حكومتنا المستطاع وحكومتنا الرشيدة ليس باستطاعتها حل كل هذه المشاكل العالقة والطارئة والشيء الوحيد الذي تجيده هو الوعود التي خجل منها عرقوب في قبره .
في رواية "عائشة تنزل إلى العالم السفلي" كانت البطلة مقتنعة بأنها ستموت خلال سبعة أيام من بدء كتابتها لأوراقها وهو ما سيصادف الذكرى الرابعة لوفاة ولدها الوحيد عزيز ، لذلك كانت تستعد للموت بكل ما أوتيت من قوة ، وليت حكومتنا الرشيدة تقتنع بقرب انقضاء أجلها لتستعد للموت / للإقالة بعمل يحسن خاتمتها أمام الله والناس فإنما الأعمال بالخواتيم ياحكومتنا الرشيدة .