كل إنسان يحمل همّ
قضيّة معيّنة ينبغي عليه لزاماً لا اختياراً أن يكون سفير نوايا حسنة لقضيّته ،
وأن يكون مثالاً مشرّفاً ، ونموذجاً يحتذى به ، وأن يعطي انطباعاً طيّباً لكل من
يلتقي به ، فالنّاس – غالبيّتهم – يحددّون اختياراتهم من خلال انطباعاتهم الأوليّة
، فساعدهم ما استطعت على حسن الاختيار .
شباب الحراك
السياسي المعارض هنا في الكويت ، لا أشكّ بأن جلّهم وليس كلّهم يحملون في قلوبهم
همّ الإصلاح ، وقلوبهم تتحرق على البلد ، وعيونهم في الخلوات ربّما تدمع حزناً على
ما وصل إليه حال البلد على جميع الأصعدة ، لكنّهم ومع الأسف فشلوا في أن يكونوا سفراء
جيّدين لقضيّتهم وباتوا عاجزين عن اقناع المتعاطفين معهم فضلاً عن خصومهم بما
يحملونه من أطروحات .
خلافات شباب
الحراك فيما بينهم أعطتنا صورة سيئة عن الأزمة الأخلاقية التي نعيشها ، ونظراً
لأنه إذا خاب ظنّك بدعاة الإصلاح فمالك مشاريه على "ساقط" الناس فتجدنا
نركّز على هؤلاء الشباب وإلا فنحر الأخلاق وذبح القيم عند خصومهم أكثر من أن
نحصي ، وبنظرة سريعة إلى بعض الحوارات
التي تدور في تويتر بين بعض المختلفين من شباب الحراك تتيقن بأن الوضع بالفعل بات
مخيفاً ، وتنتابك خيفة فيما سيؤول إليه الحال لو نجح هذا الحراك مستقبلاً .
تويتر بات كالسفر يسفر
عن أخلاق المغرّدين ، وفيه :
ومهما تكن عند
امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى
على الناس تعلمِ
وفلتات التغريدات
شاهدة على ما في القلوب ، وتدنّي مستوى الحوار إلى الحضيض دليل على عري أخلاقي لا
يستره جميل الثياب ولا حسن الـ "بيو" ، وعد بذاكرتك سريعاً إن أردت إلى
بعض الحوارات بين رموز وشباب الحراك لتعرف سوء الحال ، ومدى ما وصلت إليه المفردة
من انحطاط حتى أنّها لم تعد توقّر شيخاً ولا عجوزاً يجلسان في بيتهما لا علاقة
لهما بكل هذا العراك الدائر .
أزمتنا كانت
وستبقى أزمة أخلاق ، حتى أوشكنا على إقامة المآتم علينا ، ولله در القائل :
وإذا أصيب القوم
في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتماً
وعويلاً
ودمتم ...