2012/07/30

وتأتي على قدر الكرام المكارم


على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ

وتأتي على قدر الكرام المكارمُ

(المتنبي)

لا تعلّم كريماً كيف يكون "الإكرام" ، ولا تعلّم أصحاب القلوب الرحيمة كيف يكون "التكريم" ، واعلم أن مهارة "المواساة" لا يجيدها كل أحد ، وأن "الكلمة" الطيبة "توفيق" يوفق الله عز وجلّ لها من يشاء من عباده ، وأن "الطِّيب" في هذا الزمان "زرقة رمح" مهما حاولت أن تتداركه وتتظاهر به تعود منه "بخفي حنين" ما لم تكن من أهله وخاصّته .

كفرسي رهان ، تنطلق "مبرة طريق الإيمان" و "مجموعة 29" ، في سباق من أجل الإنسانية ، وخط النهاية فيه هو تكريم الفائقين البدون ، والجائزة هي الظفر باحترام الذات أولاً ، ثم تقديم ما يفرح هذه الزمرة الطيبة المباركة من أبناء الكويت ممن عانوا الأمرين حتى يتحصلوا على هذه المراكز المتقدمة ، والإنتصار للإنسانية ، وليعلم كل متابع أنه إلى الآن "ما راحوا الطيبين" وأنها "لو خليت خربت" .

رغم المحيطات الشاسعة من الإختلاف بين "المبرة" و "المجموعة" ، إلا أنهم استطاعوا أن يلتقوا على جزيرة صغيرة في تلك المحيطات تدعى "نصرة المظلوم" ، ليثبتوا بأن الأمر لا علاقة له بما عليه ظاهرك من التمسك بتعاليم الدين بقدر ما أن له علاقة بما تحمله من قلبك من اقتناع تام بمبادئ دينك وشريعتك السمحاء والتي حثت على نصرة المظلوم ومواساة المكلوم وتحسس حاجة الآخرين والوقوف معهم في كربهم والمضي معهم في قضاء حوائجهم .

في حفل تكريم الفائقين البدون الذي أقامته مجموعة 29 قبل أيام ، كانت اللمسة فيه احترافية للغاية ، وكان التنظيم واختيار المتحدثين فيه ينمّ عن متابعة دقيقة لقضية البدون وأسماء المتميزين منهم على الساحة الإعلامية ، وكان اختيار الشاعرة والأديبة سعدية مفرح لإلقاء كلمة أمام إخوانها وأخواتها الفائقين البدون وهم أبناء جلدتها بمثابة "ضربة معلم" جعلت تأثير التكريم في نفوس الفائقين البدون يأتي مضاعفاً ، لا سيما بعد جرعة أمل لا تضاهى حقنتهم بها سعدية ، وكلمات هي كشمعة أضاءت لهم عتمة طريقهم نحو تحقيق الأحلام ، وكيف لا وسعدية قد مرّت بمثل ما مرّ به هؤلاء الفائقون فهي الأولى على الكويتيين في ثمانينيات القرن الماضي مع احتلاف بسيط وهو أنه قد تم تكريمها في حينه فطوبى لذاك الزمان وصدق من قال : "لا يأتي زمان إلا والذي بعده شرّ منه" !

بعفويتها المعتادة ، وبحروفها التي تعود عليها متابعوها في "تويتر" كانت إطلالة سعدية في الحفل مشابهة لإطلالتها كل مساء في تويتر بعبارة "يا مساء الخير ياللي معانا" ، لتعطي إشارة إلى أنها ستكون أبعد ما تكون عن الخطب الحماسية الرنّانة وأنها ستكون أقرب ما تكون من الكلمة البسيطة الصادقة ، لتقوم بعدها ببث روح الأمل في كوكبة هي أحوج ما تكون اليوم إلى الأمل فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ، ولترمي أطواق النجاة عليهم ليتمكنوا من الخروج من بحر اليأس الذي وضعوا فيه رغماً عنهم وقيل لهم "إياك إياك أن تبتلّ بالماءِ" .

"يا مساء الخير ياللي معانا ، يامساء الوطن ، يا مساء الإرادة ، يا مساء النجاح ، يا مساؤكم انتم ، يا من صنعتم الفرق بإصراركم وبنجاحكم وبتفوقكم ، لا أقصد الطلبة المتفوقين فقط ، بل أقصد أيضا مجموعة 29 التي أصرت ونجحت وتفوقت أيضا"

بتلك الكلمات أطلت سعيدة برأسها على الحضور وكأنها محاولة جسّ نبض قبل أن تنثر ورود الأمل في أرجاء المكان وهي تقول :

"تشبثوا بالأمل ، ما عرفت أحداً تسلح بالأمل وخسر المعركة ، وما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ ، وأوصيكم بالعمل أي عمل ، لا تستهينوا بأي فرصة للعمل مهما كان ، فالعمل ليس حاجة فقط بل هو قيمة وشرف ، "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" ، ........ ولا تسمحوا لأي عائق مهما كان أن يعطلكم ، لا تسمحوا لهذه العقبة التي اسمها "بدون" أن تقف حاجزا بينكم وبين المستقبل بما فيه من إبداع وطموح ، النجاحات الصغيرة يمكن ان تتراكم لتصنعَ جبلا من النجاح يعصمكم من اليأس" .

لا أشك في أن أيّا من البدون الذين كانوا متواجدين في الحفل لم ينم تلك الليلة وابتسامته مرتسمة على وجهه من جرّاء جرعة الأمل التي تعاطاها في الحفل والتي بلا شك منحته "جوانح" ليحلق بها متناسياً همومه وأحزانه .

فشكراً من قلوب البدون التي لا يعرف نكران الجميل لها طريقاً

شكراً لمبرة طريق الإيمان

شكراً لمجموعة 29

شكراً للنشط المتألق أحمد الخليفي

شكراً للشاعرة والأديبة سعدية مفرّح

شكراً لكل من زرع بسمة في طريق البدون المليء بالأحزان .


2012/07/27

جاء رمضان لعلكم تتقون


كعادة الضيوف المحبوبين والمقربين إلى النفوس يأتي "رمضان" سريعاً دون أن تشعر به ويغادر سريعاً دون أن تشعر به فهو لا يريد أن يسبب لك مزيد إزعاج ، وكعادة الأصدقاء غير الثقيلين فهو لا يزور إلا غبّا لعله أن يزداد حبّاً ، يطلبك أن تحسن ضيافته وأن تكرمه بجميل اللقاء فتأخذه بالأحضان وتضرب على ظهره بكفك وتقول له : إننا والله لك لمشتاقون ومنذ أن رحلت عنّا آخر مرة للقياك منتظرون ، لتسمعه يقول : (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "لعلكم تتقون" ) .

ثمّ أجلسه حيث تشعر بأنه يليق به ذلك المجلس ، وليس أكرم له من أن تفتح له "ديوان" قلبك ليجلس في "صدر" مجلسك فينشرح بذلك "صدرك" ، وتجاذب معه بعدها أطراف الحديث ، فإن حديثه لا يمل ، ومستمعه لا يكلّ ، وكيف لا ؟! وهو كحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ، والأولى هي الأقرب دائما فرمضان "كريم" ، فلا تردنّ عطاياه وهباته ففيه يصدق قول الناس : "لا يرد الكريم إلا اللئيم" ، وبادره بالإكرام حتى تمتلكه شاهداً حين تحتاج لشهود فمن عادة الكريم أنك إن أكرمته ملكته "إذا أنت أكرمت الكريم ملكته" ، ورغ إلى "نفسك" لتجيء له "بعمل سمين" لعله يبيض وجهك أمامه ، وحاول إصلاح ما بينك وبينه وقل له سرّا : ليت الذي بيني وبينك عامرٌ ، ثم أردفها بأخرى علانية : إذا صحّ منك الودّ فالكل هيّنٌ ، لعلك أن تكون حينها قد بادرت باللحاق بركب المكرِمين المكرَمين ، فلا يغرنك بعدها المتخاذلون ، الذين هم في "تفريطهم" يعمهون ، وعلى عهدهم القديم قبل رمضان باقون ، وكأنهم لم يسمعوه وهو يقول : (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "لعلكم تتقون")

لا ترضَ منه بالقليل ، وأشبع منه نهمك على الخير ، وكن معه كما لم تكن عليه قبله ، فإنه إن ذهب قد لا يعود ، أو قد تكون أنت حينها برفقة الدود ، تتمنى لو عدت إليه يوماً واحداً لتكرمه حق إكرامه ، وتحسن إليه غاية الإحسان ، لتظفر منه بالأعطيات الجزال والتي أعلاها العتق من النيران والفوز بالجنان حين يبكي المضيعون ، ويتحسر اللاعبون اللاهون ، ويعض على أيديهم الظالمون ، لأنهم غفلوا عن قوله : (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "لعلكم تتقون") .

ثم اعلم أنه ضيف خفيف لا يطيل المقام يعلم أن فراقه "عيد" حقيقي لمن خاف الوعيد ، ومزيف لمن حصر معنى العيد في اللبس الجديد ، وأنك لو أقسمت عليه أو أغريته بطول المكث فلن يستجيب لك ، فهو عبد مأمور ، يأتي في وقت محدد ويغادر في وقت محدد ، ولا شيء عنده أفضل من أن تحسن وداعه كما أحسنت استقباله ، وأن تحتضنه في الآخرة كما احتضنته في الأولى ، وأن تطبع على جبينه قبلة مفادها : إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا "رمضان" لمحزونون ، لتستمع إليه يردد وهو يغادر (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "لعلكم تتقون") .

ومضة :

ليكن شعارك في رمضان هذا العام مختلفاً ، وردّد مقولة الصحابي الجليل أنس بن النضر حين قال يوم بدر : والله ليرينّ الله ما أصنع ، فقل كما قال ودع الله عز وجل يفرح بصنيعك وهو سبحانه الغني عنك .

قبل الختام :

حين تمتليء مائدتك بأنواع شتى من الأطعمة والأشربة ، تذكر أن بالقرب منك من إخوانك البدون من لا يجد عشر ما تجد ، وأن الحكمة من الصيام الإحساس بشعور الفقير والظفر بعطية التقوى ، فتفقد حال إخوانك البدون ، وردد (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم "لعلكم تتقون")

2012/07/20

قصائد شفافة !


لا أعرف من الذي أطلق عبارة بأن (أجمل الشعر أكذبه) ولا أعرف متى وأين قيلت وماهي مناسبة قولها وعلى أي ركيزة ارتكزت ، ولكنني أقف طويلا عند كل قصيدة مدح تعجبني تمجّد في أحد طويلي الأعمار فيبهرني تركيب الكلمات فيها وانسياب المعاني وترابط الفكر ، فأبتسم رغما عنّي ليقيني بأن هذا الشاعر قد أخفى وراء هذا الجمال كذباً لا يضاهى ، وأنه قد جاوز في كذبه الحدّ حتى يدخل في خانة الشعر الجميل ، وأنه ترك الصدق وراء ظهره ومدّ يديه إلى طيور الكذب لتأخذه في رحلة إلى عالم الجمال الشعري .

هل هناك أكذب من قصيدة تقال في مدح أصحاب النفوذ ؟! ، وهل هناك أكذب من قصيدة شفافة تنسج بليل لتستر عورةً كشفت في النهار ؟! وهل هناك أكذب من قصيدة هي كشفيع عريان لدى صاحب نفوذ من أجل أن يرجع إليك بالأعطيات والهبات ؟! ، إذن فلتفرحوا بتلك القصائد الكاذبة ، ودعونا نحن نفرح بانكشاف المزيد من عوراتكم التي لا تسترها بالطبع قصائد كذب شفافة .

قال الإمام ابن سعدي رحمه الله في تفسير قوله تعالى عن الشعراء : ( وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ ) "أي : هذا وصف الشعراء ، أنهم تخالف أقوالهم أفعالهم ، فإذا سمعت الشاعر يتغزل بالغزل الرقيق قلت : هذا أشد الناس غراماً وقلبه فارغ من ذاك ، وإذا سمعته يمدح أو يذم قلت : هذا صدق وهو كذب ، وتارة يتمدح بأفعال لم يفعلها ، وتروك لم يتركها ، وكرم لم يحم حول ساحته ، وشجاعة يعلو بها على الفرسان وتراه أجبن من كل جبان" . انتهى كلام ابن سعدي رحمه الله ، وقد تبين لي من خلاله بالفعل أن صفة الكذب ملازمة للشعراء ، وبهذا يكون أشعرهم هو أكذبهم ، ويكون أجمل الشعر أكذبه ، وأن كل شعر يسرق الألباب ماهو في الغالب إلا كذب موزون ومقفى .

من باب (الكذب بالكذب يذكر) ، فلست أرى أكذب بعد الشعراء في مدح المتنفذين من بعض الرياضيين في بلادنا العربية الذين يصلون إلى المباريات النهائية في المنافسات الرياضية وحين يخسرون وتتضح في وجوههم الحسرة وتلمع في عيونهم الدمعة ويبلغ فيهم الحزن مبلغه فيجيبون بصوت مبحوح وحروف لا تكاد تفهم على أسئلة الإعلاميين عن تلك الخسارة ووقعها في نفوسهم قائلين : بأنه لا خاسر اليوم ، وأن الجميع فاز بمصافحة طويل العمر وأن هذه هي البطولة الحقيقية وما سواها بطولات زائفة ! ، ودي أصدق بس قوية قوية ! .

قبل الختام ..

أتدرون من هم الأكذب من أولئك كلّهم ؟!

هم الذين يقطعون الوعود للبدون منذ عقود ويمنّونهم بحلّ قريب ، فأولئك القوم يخجل من كذبهم مسيلمة ! .

2012/07/14

غضبة شعبية !


تتلو الأغلبية بيانها في ديوان المناور ، لا يعجب البيان المتواجدين من شباب الحراك السياسي ويعتبرونه تراجعاً عن كل ما وعدت به الأغلبية سابقاً من رفع سقف المطالب ، فيخرجون غاضبين يجرون أذيال الخيبة ، يصدر الشباب بيانات مذيلة بأسماء الموقعين عليه والموافقين على ما فيه ، ينقسم الناس إلى فسطاطين فسطاط الـ (مع) وفسطاط الـ (ضد) وآخرون يصفقون من بعيد ويكتبون المقالات ويصيغون المانشيتات و يفرحهم لو أن أيّا من الطرفين (كسر ظهر ) الآخر وأصابه في مقتل ، ليتفرغوا بعدها هم لمحاربة المنتصر بعد أن ارتاحوا من المهزوم .

هكذا تسارعت الأمور ، وهكذا بدا الموقف والحكم للمتابع ، ولكنني سأقف عند مفردة تكررت كثيراً بعد كل تلك الأحداث وهي عبارة (غضبة شعبية) ! ، والتي حين سمعتها ارتعدت فرائصي وانتابني شعور بأنني يجب أن ألبس درعي وأتناول سيفي ورمحي وأغذي الذاكرة على وجه السرعة بشئ من سيرة (الجنازة) لتوقظ فيّ بعضاّ من أنزيمات الغوغائية النائمة منذ أمد ، وأنني حين أخرج من بيتي سأفاجأ بالملايين الغاضبة في الشوارع ، ولكنني حين التفت يمنة ويسرة لم أجد شيئا من ذلك يذكر ، وجلّ ما وجدته هو بيانين لبعض الشباب الذين أعطوا لأنفسهم الحق في التكلم عن الشعب بأكمله وهددوا بمقاطعة الأغلبية ، وزوبعة تويترية ما تلبث أن تهدأ مع أول زوبعة أخرى تأتي ، لأتأكد بأننا لا زلنا نعاني من مشكلة تسمية الأسماء بغير مسمياتها والنظر بعدسة ميكروسكوب إلى مشاكلنا لنجعل باختيارنا من الحبة قبة .

في ديوان المناور قبل عدة أشهر كانت هناك (غضبة) أخرى إن صح التعبير وموافقة لمن أسمى موقف الشباب غضبة شعبية ، وتلك الغضبة تمثلت في شباب البدون الذين حضروا إلى ديوان المناور ليستمعوا إلى كلمات نصرة تواسيهم وهم يتعرضون لشتى أنواع الظلم والقهر ، لكنهم صدموا بعبارات ظاهرها النصرة وباطنها التجريح والطعن ، وصدموا أكثر بدكتور فاضل يخبرهم أنه هنا ليس من أجل 120 ألف نفس بل من أجل نفس واحدة تهمه ، عندها غادر شباب البدون المكان غير آبيهين بمحاولة التهدئة من قبل القائمين على تلك الندوة مما تسبب في إلغاء الندوة ، والغريب في الأمر أن أحداً لم يسمّ ذلك الفعل بغضبة شعبية بدونية مثلاً بل البعض انتقد ذلك الوضع واعتبره غوغائية في حينه وعدم احترام للمكان ! ، واليوم يثني على فعل مشابه لشباب ناشطين ويصفه بغضبة شعبية .

يا أصحاب الغضبة الشعبية ! ، أين غضبتكم وبياناتكم حيال ما يتعرض له إخوانكم البدون من ظلم وقهر ، وأين غضبتكم وبياناتكم حين حرم أطفال البدون بسبب الظلم والفقر من التعليم لسنوات عدّة ، وأين غضبتكم وبياناتكم من محاولة تكرير فعل ذلك الآن ، وأين غضبتكم وبياناتكم حيال الظلم الذي سيقع على المتفوقين البدون إذا لم يتم قبولهم في الجامعة ، وأين غضبتكم وبياناتكم حيال الضرب والقمع الذي يتعرض له البدون كل جمعة ، وأين .. وأين .. وأين ؟! ، عفواً يا سادة فأنتم أصلا بلا غضب ، وجل ما تفعلونه هو أن تتقمصوا دور القطّ الذي يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ ، واعلموا أن أي بيان يصدر منكم لا يتضمن المطالبة برفع الظلم الواقع على البدون هو بيان لا يساوي قيمة ما كتب عليه .

...

باقة ورد ..

أقدمها لورود مجموعة 29 اللواتي واصلن الوقوف في هذا الجو الحار وتحت هذه الشمس الحارقة لمدة خمسة أيام من أجل رفع الظلم الواقع على المتفوقين البدون ، وأقول لهنّ : لقد استحت منكن الشمس ، وأنتن بعددكن القليل أغلبية في قلوب البدون ، وهم بعددهم وعدتهم وصلاحياتهم غثاء كغثاء السيل .



قبل الختام ..

جريدة يومية : (بغداد تزود الكويت بوثائق البدون العراقيين) .

تعليق القوم : ألم نقل لكم بأن البدون كاذبون وجنسياتهم معروفة؟! .

نفس الجريدة : (الشباب يكسرون ظهر الأغلبية) .

تعليق نفس القوم : إنها جريدة فتنة وعرف عنها الكذب !

ارحمونااااا .


2012/07/13

سعدية وأخواتها


إذا غامرت في شرف مرومِ

فلا تقنع بما دون النجومِ

(المتنبي)

هكذا هي الشمس كلما مالت للغروب وضاق الناس ذرعاً بالظلام القادم ، وأوشكوا على ترديد عبارة (ياليل ماطولك) ، تلألأت في السماء نجوم تضئ عتمة المكان ولسان حالها يقول : أنا لها أنا لها ، فيسعد بوجودها المحزون ، ويفرح بنورها المغبون ، فسبحان من قال : (وعلاماتٍ وبالنجم هم يهتدون) .

تختار صحيفة (الغارديان) البريطانية الشاعرة الكويتية البدون سعدية مفرح كممثلة للكويت في خارطة الشعر العالمية ، فتشرئب أعناق البدون ، وترتفع هاماتهم مفتخرين برحم المعاناة الذي يربطهم بها والذي أنجب لهم هذ الإبداع ، متباهين بصلة القرابة (البدونية) التي تجمعهم مع هذه الشمس الساطعة شعراً ، لاسيما (التيماويين) منهم فهؤلاء لها كالعَصَبة لهم مالها وعليهم ما عليها ويلحقهم من ميراث إبداعها الشئ الكثير ، بينما هي فرحة مستبشرة بهذا كله ، وحق لها ذلك ، وما ذاك إلا عاجل بشرى المبدع .

وفي الوقت نفسه يكاد العنصريون أن يأكل بعضهم بعضا حنقاً وضيقاً من هذا الخبر الذي اصابهم في مقتل ، محاولين التقليل من هذا الانجاز بتجاهله تارة أو بمحاربة الشاعرة المكرمة تارة أخرى ، وحالهم كحال ضرائر الحسناء قلن لوجهها كمداً وبغضاً إنه لقبيح ، بينما تنام هي ملء جفونها تاركة لهم وسائد الحسرة وأغطية العويل .

وهناك في الجانب الآخر تتألق أخوات سعدية كورود في بساتين الأمل وكزهور في رياض المستقبل ، ذللن الصعاب تلو الصعاب وقاومن كل المعوقات حتى رفعت الرايات البيضاء استسلاماً لرباطة جأشهن ، أرادوا تقييدهن بالقيود الأمنية فأطلقن للفكر والعقل العنان إذ لا قيود تقيد العقول ، وأرادوا إشغالهن بلقمة عيشهن فانبرى لذلك رجال كفوهن المؤنة واحدهم إذا انتخى قال : (أنا أخو فلانة) ، وأرادوا أن يجعلوهن يعانين من عقدة النقص فأبين إلا أن يأتين كاملات ، تلك الورود هي الطالبات المتفوقات من الكويتيات البدون واللواتي حصلن على نسب عالية في نتائج الثانوية العامة وتم إهمال تكريمهن إسوة بغيرهن من الطالبات المكرمات ، لكنهم نسوا أن قلوب مائة ألف من البدون أو يزيدون ومعهم قلوب الشرفاء كرمت تلك الورود تكريما قد لا يرينه لكنهن بالتأكيد يشعرن به .

لا شك بأن الحرب الضروس التي كانت ولا زالت تشن على البدون كان لها كبير أثر في الرجال منهم فكيف بالنساء وهن الأضعف عادة على تحمل الصعاب والمشاق ؟! ، وإن هذه الإنجازات التي تتحقق على يد بنات البدون ليعتبر شيئا عظيماً إذا ما قورن بحجم المعاناة التي يعانينها ، فحين كانت النساء في العالم يطالبن بحقهن في التعليم كانت البنت البدون تجلس مرغمة في بيتها رأفة بحال ذويها وهي تراهم يعانون فقراً لا يرحم ، وحين كانت النساء في العالم يطالبن بحقهن في قيادة السيارات كانت البنت البدون ترأف بحال أخيها الذي لا يمتلك رخصة قيادة فضلا عن أن يمتلك سيارة وتحاول تصبيره ، وحين كانت النساء في العالم يطالبن بحقهن في الخروج للعمل أسوة بالرجال كان لبنات البدون قدم السبق في ذلك مكرهات حين افترشن الساحات المقابلة للجمعيات التعاونية والمدارس لبيع الملابس أو قطع الحلوى ليثبتن فعلا لا قولا بأن الواحدة منهن عن عشرة .

سعدية وأخواتها فخر للكويت وفخر لإخوانهن من البدون ، ونبراس أمل يجب أن يحتذى في محاربة الصعاب وتذليلها ، والاجتهاد في تحويل المحن إلى منح ، وتصيير البلايا إلى عطايا ، وكيف لا وهن ينتهجن منهج أختهن الكبرى سعدية صاحبة العبارة التي يحفظها كل البدون اليوم وهي (أنا بدون جنسية لكني لست بدون وطن) .


2012/07/03

إبليس في بلاد العجائب !


ومن العجائب والعجائب جمّة

قرب الدواء وما إليه وصول

(ابن عنين)

علامَ العجب ياعزيزي ؟! ، ففي بلادي العجائب جمّة ، والمتناقضات على قفا من يشيل ، والضحك بسخرية يملأ أرجاء المكان فشرّ البلية ما يضحك ، وحدهم المتضررون يبكون دماً ويستذكرون همّ الأمس مجموعاً مع همّ اليوم علّه ينسيهم همّ الغد .

هنا في بلاد العجائب قد تقاتل من أجل الحصول على شهادة ميلاد تثبت أنك مولود على هذه الأرض ، وعند وفاتك يواصل ذووك القتال من أجل الحصول على شهادة وفاة تثبت أنك أصبحت طعاماً للدود فالمعاناة في بلاد العجائب تستمر من المهد إلى اللحد ! ، وفي بلاد العجائب تمنع من الزواج كالأشراف ووسيلتك الوحيدة هي الزواج بحكم محكمة كما يفعل الزناة أجلكم الله ، وفي بلاد العجائب تمنع من التعليم والتوظيف والعلاج والتموين بل وحتى الزكاة مالم تتحصل على ورقة خضراء كتب عليها بالحبر السري لامانع لدينا من أن تطعموه من كنافة الأمير زهير ! ، في بلاد العجائب يقام الاعتصام في الإرادة وتقام نقاط التفتيش في تيماء ، وتوزع العصائر والآيس كريم على المعتصمين هناك ، ويعتقل المعتصمون هنا بتهمة رفع علم البلاد ! ، وفي بلاد العجائب يتعاطفون مع قضايا الأمتين العربية والإسلامية ويقيمون الندوات والمهرجانات الخطابية ويلقون الخطب الرنّانة ، وفي بلادهم أناس يقتاتون على فائض الأطعمة من الأعراس والحفلات ، وفي بلاد العجائب تبكيهم مقاطع الضرب والتعذيب في البلاد الأخرى ولا يظفر منهم بدمعة منظر أبناء بلدهم وهم يشتكون ضرب المطاعات ، في بلاد العجائب تثير اهتمامهم انتخابات رئاسية في بلد ما ولا يثير اهتامهم طفل في بلدهم يستجدي جواز سفر من أجل علاج ورم خبيث لكنه ليس بأخبث من نوايا البعض في بلاد العجائب ، في بلاد العجائب قد تتفوق وتتحصل على نسبة عالية في اختبارات الثانوية العامة ولكنهم يسقطون اسمك ولا يكرمونك مع من يكرمون والسبب في ذلك أنك قد خيبت ظنونهم ، ففي الوقت الذي كانوا يريدونك أن تكون بلا شهادة ميلاد أتيتهم وفي يدك شهادة تفوق ، وفي الوقت الذي كانوا يريدون أن يدفنوا والديك في ظلام الحزن قمت أنت بإشعال شمعة فرح أضاءت رغما عنهم جنبات المكان من حولك ، وفي الوقت الذي كانوا ينتظرون جلوسك في الدوارات لتبيع الخضار والبنك لينقضوا بعدها عليك وكأنك تاجر مخدرات ، جئت أنت لتطالب بمقعد لك في الجامعة لتكمل تعليمك وتزاحم أبناءهم ، في بلاد العجائب يطالب نواب المجلس العجائبي المنحل بتكريم الطلبة الوافدين وتسهيل قبولهم في الجامعة تقديرا لظروفهم أعانهم الله ، بينما لا تقدير يذكر لظروف أبناء البلد المحرومين من اعتراف البلد بهم ففي بلاد العجائب مزمار الحي لا يطرب ، في بلاد العجائب لا يلتفت لهمك أحد مالم يكن الوقوف مع قضيتك ينبني عليه بعض المكاسب فالتكسب ميزة الغالبية هنا ، وفي بلاد العجائب ليس لك من الأمر شئ وعلى المتضرر دائما اللجوء إلى الله وحده .

عزيزتي (أليس) لا تتشدقي بزيارتك بلاد العجائب ، فأنت لم تزوري بلاد العجائب الحقيقة ولا قالها الله ، بلاد العجائب ياعزيزتي هنا ، وما رأيته أنت لا يعدو كونه كلام قصص ما يبلل الـ يمشون !

إن كانت أعجبتكم (أليس) في بلاد العجائب (هناك) ، فماذا ستقولون إن علمتم أن (إبليس) يمكث في بلاد العجائب (هنا) .