"تجده
كالطير مقصوصاً جناحاه" فليسمح لي شاعر هذا الشطر أن أستعير شطر بيته لأنزله
على البدون في الكويت ، فالبدون في الكويت شبعوا من الوعود الكاذبة بقدر ما شبعوا
من الضيم والقهر ، وطير البدون ليس مقصوص الجناحين فقط ، بل مقصوص الجناحين والذيل
وقد نتف ريشه حتى أصبح لا يقوى على المشي فضلا عن أن يقوى على الطيران ، وقد وضعت سكين
الظلم على رقبته فلا هي أكملت طريقها لذبحه ولا هي أراحته من كآبة منظرها ، وهو
يرمقها ويقول "وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" !
يتقاتل
الغالبية في هذا البلد ، يختلفون ويتخالفون ، يتقاتلون ويتصارعون ، يكونون أشتاتاً
، لا يؤلف بين قلوبهم إلا الصمت تجاه ما يتعرض له البدون من انتهاك لحقوقهم وإعدام
لإنسانيتهم في اليوم عشرات المرات ، وتلاعب بمشاعرهم آلاف بل ملايين المرات .
يعود
البدون "للتظاهر" ، فتعود هراوة رجل الأمن "للتظاهر" بحزم
مصطنع لا يعرف طريقه "للظهور" إلا على "ظهور" البدون ، وتعود
الصحف "للتظاهر" بالمهنية فترمي التهم على البدون من كل حدب وصوب فهي لا
ترقب فيهم إلاًّ ولا ذمّة ، وتعود القنوات التلفزيونية "للتظاهر"
بالحيادية في الطرح فتصيب تارة وتخطئ تارات ، ويعود النوّاب "للتظاهر" بإبداء
التعاطف ليحفظوا ما تبقى من ماء وجوههم فيطلقونها صيحات لا تتجاوز حناجرهم فيجيبهم
صداها "ما كان لله يبقى ويدوم وما كان لغيره ينقطع" ، ويعود بعض
المتدينين "للتظاهر" بإلتزامهم بتعاليم الدين الحنيف في الوقوف مع
المظلوم لكن تعاطفهم ذاك لا يتجاوز تغريدة في تويتر يسير بها الركبان عبر الريتويت
وكأنها النصر المؤزر للبدون ، ويعود التقدميون "للتظاهر" بالتضامن حتى
لا تقع آخر ورقة توت تستر عوراتهم ، والعجيب أن الكل "يتظاهر" والوحيد
الذي يعاقب على تظاهره هم "البدون" .
قبل
أيام قليلة عقد "ملتقى النهضة" رغم أنف وزارة الداخلية ، انتصارا لحرية
الرأي – زعموا- ، وفي ذات الوقت كان البدون يضرب لذات السبب الذي من أجله أقيم
ملتقى النهضة ! ، شفتوا الهنا اللي احنا فيه ؟! ، وأنصار حرية الرأي يصابون بخرس
مؤقت تجاه ما يحدث في تيماء وكأن الأمر لا علاقة له بحرية الرأي والتعبير التي
يعتبرونها قضيتهم الأولى ، ما لكم كيف تحكمون ؟!
أمّا
تيماء الحزينة التي أخذت لون بيوتها
الأحمر من لون بدلة الإعدام ، وتكفنت بثياب من الكيربي الأبيض الذي حول المنطقة
إلى "صفيح" ساخن ! ، وتداعى الناس من كل حدب وصوب ليحضروا حفلة إجلاسها
على الخازوق ، مكتفين بالامتعاض والحوقلة ، فهاهي تنظر إلى السماء تطلب الغوث من الله وحده ، فقد
خاب ظنّها في الجميع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق