2012/03/27

ملتقى الدجّة !


من قبل ومن بعد :
أسمع بكلمة "نهضة" فأتنفس الصعداء وأشعر بفرح كبير فمن منّا لا يحب النهضة والنهوض والمضي قدماً برقي ، أرجع الكرة لأقرأ الاسم بتمعن "ملتقى النهضة" يا سلام أجمل وأجمل ، أرجع الكرّة مرتين لأقرأ الإسم مقرونا بصور المحاضرين فأعود القهقرى وأصفق راحاً براح ، وأقول في نفسي : "لقد حان لأبي عبدالله أن يمدّ قدميه" .
"النهضة" اسم جميل ، ولكنه كـ "جميل راتب" لا يحمل من معنى اسمه الأول شيئاً ، وخلف الأسماء الجميلة تختبئ النوايا السود ، وخلف مسمى النهضة تقبع "الدجّة" ، وتضرب جذورها في الأرض فالشجرة "نهضة" والثمر حنظل ! .
كما أن عناوين الكتب وأسماء مؤلفيها في كثير من الأحيان تكفيك عناء سبر أغوارها لمعرفة ما فيها ، فإن نظرة واحدة إلى إعلان "النهضة" تكفيك عناء الحضور لمعرفة ما يخطّط له القوم ، ولتزداد يقيناً بأن القوم لا يبحثون عن دولة "مدنية" بقدر ما يبحثون عن دولة "متدنية" الأخلاق ببعدها عن دينها ، ونحن نكرر ونكرر نريدها "متدينة" لا "متدنية" !
عن أي دولة "مدنية" تبحث يا سعادة الدكتور ؟! يامن أصبحت أشد تلوناً من الحرباء؟! عن أي دولة "مدنية" تبحث يا من أكثرت التنقل بين الآراء فمن تشدد وإرهاصات بالتكفير إلى ملكي أكثر من الملك ، ثم إلى مسلم يحب "إسلام اليوم" لا إسلام الأمس النقي الصافي ، عن أي دولة "مدنية" تبحث وقد أحضرت ما رمته دولتك في سلة مهملاتها لتضعه على طاولة طعام شبابنا وتدعوهم بقولك "دكّوا على عشاكم" ! ، عن أي دولة "مدنية" تتحدث وقد حطبت لنا الضيوف بليل ، ووضعت في جرابك الحية والعقرب ؟! ، نعم نحن نريد دولة "مدنية" نسبة إلى دولة المدينة التي أسسها الرسول صلى الله عليه وسلم لا دولة "مدنية" بمفهومك أنت .
يزعمون أنه ملتقى "للحوار" والحوار اسم جميل أيضاً لكنه مظلوم !، فعندما تتلفظ به يتبادر إلى ذهنك ذلك اللحم اللذيذ الخالي من الكوليسترول وبجانبه جدر مضغوط ينتظر طبّاخاً ماهراً ! ، ذاك هو أقصى ما يعرفه البعض عن معنى كلمة "حوار" وتراه ينافح عن هذه الكلمة ليل نهار ، ويحاول أن يربطها بالدين ويصور للناس أن الدين حضّ على الحوار مع المخالف وسماع حججه في كل حال ، ويضرب أمثلة لأناس لا تملك حين تسمعه وهو يشبه نفسه بهم إلا أن تقول "شتان ما بين الثرى والثريا" وهل تملك من العلم والثبات والرسوخ ما كانوا يمتلكون حتى تستدل بفعلهم في الحوار مع المخالف؟! ، ثم مالك تقرأ آية وتترك آيات وأحاديث وآثار سلف كثيرة حضت على عدم الجلوس مع المخالف والبعد عنه بل وهجرانه إن اقتضت المصلحة ، والمصلحة هنا أعني بها مصلحة الهاجر أو المهجور ، وكتب السابقين مليئة بمثل هذا ، حتى جاء عن بعض السلف إغلاقه لأذنيه عن بعض من كان يريد محاورته ، خشية على دينه ، فالدين رأس المال وبضياعه يكون ضياعك ، فلا تجعل رأسك كالوعاء المكشوف تشرب منه الهرة أحيانا ولا تنجسه فهي من الطوافين علينا والطوافات ، وتلوغ فيه الكلاب أحياناً لتنجسه فلا ينفع معه إلا أن "يضرب" سبع مرات إحداهن "بالقبقاب" !
تنتهي جولة أخرى من جولات الصراع بين مجتمع محافظ لا زال يحاول جاهداً الدفاع عن هويته الدينية ، وبين قلّة اختزلوا معنى "المدنية" في كل ما هو ضد الدين ، تنتهي جولة شديدة الضراوة ، لتبدأ بعدها جولة أشد ضراوة منها ، فالصراع بين الحق والباطل باقٍ حتى قيام الساعة ، في هذه الجولة يكتب النجاح كالعادة للشعب المتمسك بدينه وهويته فهو أقوى من أن تقتلعه رياح الهوى ، وقد يقول البعض أن الملتقى سيقام في نفس التوقيت ولكن في مكان آخر والدعوة عامّة ، وأقول هذا لا يقلل من النجاح الذي تحقق بمنع إقامته بشكل رسميّ ، فقد تم توصيل رسالة شديدة اللهجة من قبل الشعب المحافظ للقائمين على الملتقى وللضيوف ، حتى أن بعضهم أظهر دموع التماسيح بكاء على الحال التي وصلت لها الديمقراطية في الكويت ... علينا يا منااااحي ! ، كما أن إقامته في الجمعية "الليبرالية" التي أعلنت استضافته بمواعيده وجدول محاضراته لأكبر دليل على نوايا الحضور مما يغنيك عن مزيد استدلال لإقناع المترددين .
تجمع دعاة الكويت يحب أن يصل متأخراً فذاك في نظره خير من ألا يصل مطلقاً ، في بيانه الجميل من حيث انتقاده لذلك الملتقى أغفل ذكر اسم المشرف على هذا الملتقى ، مما يدل على أن وجود اسمه سبب لهم الكثير من الحرج في انتقادهم لهذا الملتقى وهذا هو سبب تأخر البيان ، لكن هذا لا يمنعني من توجيه الشكر لهم لانتقادهم الملتقى وبيان خطره وكشف ضرره .
قبل الختام ... لتعلم مدى خطورة هذا الملتقى انظر في حال المتباكين عليه ! .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق