2012/04/10

بدون مبدعون


"بدون مبدعون" ... هذا هو عنوان الحملة التي أطلقها شباب البدون في تويتر وهو في الوقت ذاته عنوان الندوة الثالثة من الندوات التي تقيمها مجموعة "29" وسيحاضر فيها الأديب المبدع البدون دخيل الخليفة مساء الأربعاء الموافق 11/4/2012 .

ليلة البارحة اكتظ تويتر بأسماء المبدعين البدون ، كانت الأسماء كثيرة ومتميزة ، وفي مجالات عدة ، بعض تلك الأسماء لا زال يحتفظ ببدونيته ، وبعضها تركها رغماً عنه بعد أن ضاق ذرعاً بعمليات التطفيش المتلاحقة منذ فترة ما بعد الغزو ، الأسماء كانت كنجوم لامعة ، أنارت سماء تويتر بشكل عام ، وأنارت سماء البدون بشكل خاص ، والذين عرفوا أن كونهم بدون لا يعني خلوهم من الإبداع ، وأن وضع العراقيل أمامهم لا يعني أنهم لا خيار أمامهم سوى الوقوف والتلويح لركب السائرين ، وأن حالة الفقر والضعف والعوز قد تكون دافعاً كبيراً لهم لتحقيق المزيد والوصول لأهدافهم ، وأن كأس وجود الخصوم يمكن النظر إلى الجزء الممتلئ منه ليحفزهم على بذل المزيد ، فخصومنا أيضاً لهم فضل علينا !!

ما أعجبني في هذه الحملة ، انتقال بعض شباب البدون من ذكر أشخاص معينين هم بلا شك مبدعون ، إلى ذكر صفات معينة في شباب البدون يعتبر كل من اتصف بها مبدعا في مجاله صغر أم كبر ، من ذلك كل عسكري بدون حمل السلاح في الحروب العربية وفي حرب تحرير الكويت فهو بدون مبدع ، وكل أم أو أب جاهدا من أجل تربية أولادهما وتوفير لقمة العيش لهم رغم الحرب الشعواء التي وجهت ضدهم هم أيضاً بدون مبدعون ، كل شاب بدون تغرّب رغم ضيق الحال ليكمل دراسته وعاد ومعه شهادته فهو بدون مبدع ، وكل شاب بدون يبيع الخضار على الرصيف في لهيب الصيف الحارق من أجل أن يعف نفسه عن سؤال الآخرين هو بدون مبدع ، وكل شاب بدون لم تثنه كلمة "عيب" عن العمل في أي مجال شريف ليوفر حاجيات أولاده من عمل في المطاعم أو الجمعيات أو المحال والمجمعات التجارية فهو بدون مبدع ، وكل شاب سعى في خدمة قضيته عبر كلمة أو قصيدة أو حضور ندوة فهو بدون مبدع ، وكل شاب لم يستطع فعل كل ذلك لكنه وقف وصفق لإخوانه البدون المبدعين تشجيعاً لهم وتحفيزاً لهم فهو بدون مبدع .

قبل فترة كتب الأستاذ محمد الوشيحي مقالاً انتقد فيه شباب البدون لأنهم ركنوا إلى البكاء وتوقفوا عن اللحاق بركب المبدعين من أبناء جلدتهم ، وقد ردّ عليه بعض المبدعين البدون في وقته ، ولكنني أرى أن هذه الحملة هي أبلغ رد على العزيز أبي سلمان ، فقم أبا سلمان وامشِ في بساتين البدون ومتّع ناظريك بالنظر إلى هذه الورود التي ضاقت بذكر أسمائها جنبات تويتر ، وصفّق لهم إعجاباً واعترف لهم بأنهم مبدعون وزيادة ! ، وهذه الزيادة اكتسبوها لصبرهم وجلادتهم في تجاوز كل العراقيل التي وضعها العنصريون في طريقهم .

"بدون مبدعون" حملة جميلة أسعدتني وسأل الله العلي القدير أن يجزي القائمين عليها خير الجزاء ، كما أرجو من بعض الأسماء الجميلة التي ذكرت في الحملة أن ترد الدين لشباب البدون الذين افتخروا ورفعوا رأساً بهم لأنهم يحملون معهم ذات الهم ، وأن يقوموا بنصرة قضية البدون بكل ما أوتوا من قوة ، فالظنّ بهم حسن ، والآمال المعلقة عليهم كبيرة ، وكلمة منهم تعادل الكثير بلا شك مما يقوله المغمورون أمثالنا ، فهم نجوم لامعة رفعها إبداعها ، ولم يخفضها عدم امتلاكها لجنسية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق