2011/06/13

مغرم بالألعاب ....



يعمد المرء أحيانا كوسيلة لتسلية نفسه وابعادا عن شعورها بالحرمان إلى اتخاذ وسائل بديلة تجعل ألم الحرمان في حقه أقل تأثيرا فيما لو لم يتخذ تلك الوسائل ، في صغري كنت أحتفظ بصور الألعاب التي لا أستطيع شراءها بل ولا أجرؤ أصلا على طلب شرائها من والدي حفظه الله فأعمد إلى قص صورها من المجلات الخاصة بها وحين يقوم بعض الأطفال في مكان ما من العالم باللعب بتلك الألعاب أكون أنا في بيتنا الصغير الضيق ألعب بصور تلك الألعاب لا بالألعاب نفسها وربما أجدني أشعر بمتعة كبيرة لا أدري هل توازي تلك المتعة متعة اللعب بالألعاب نفسها ؟ لست أدري فلم أجرب !!
الألعاب كانت تسحرني وتسرق عقلي إبان طفولتي فكثيرا ما أتأخر عن المشي مع والدي وإخوتي في السوق والسبب وقوفي أمام محل بيع الألعاب والانهماك في مراقبة تلك الألعاب ولا يفيقني من غفلتي تلك إلا صراخ قد لا يخلو من شتيمة في بعض الأحيان .
ألعاب صديقي في المدرسة "سعد" كانت كفيلة لجعلي أخاطر بالذهاب مشيا على الأقدام من بيتنا الكائن في قطعة خمسة إلى بيت صديقي "سعد" الكائن في قطعة ستة مع خطورة هذا الأمر لمن هو في مثل سني حينها ولاداعي لذكر تلك المخاطر فمن عاصر تلك الحقبة يعي تماما معنى أن يذهب طفل صغير هذه المسافة ماشيا ، تبدأ الاستعدادت بالاستئذان من والدتي حفظها الله والتي من حسن حظي أنها تعرف والدته فتقوم والدتي بتجهيز ثوب نظيف ألبسه وكأن أمي تجهزني لتزفني نحو تلك الألعاب بينما هي تريدني أن أبدو بشكل جميل ومرتب أمام أهل "سعد" ، كانت أوقاتا جميلة أقضيها مع ألعاب "سعد" منشغلا عن الآخرين بما أتيت من أجله فقط .
كبرت وأصبحت موظفا وأمتلك مالا لشراء أجمل الألعاب ولكن لم يعد لي شغف لتلك الألعاب ولم تعد تناسب عمري أصلا ، ياااااه ياخسارة ... دائما الأشياء الجميلة تأتي متأخرة !!
أنظر لولدي عبدالله وأبتسم ونا أحدث نفسي سأشتري لك أي لعبة تريدها ، المشكلة لا أجد فيه نهما في حب الألعاب كأبيه !!
أحيانا أقول بأن الحرمان من الشئ هو من يجعلك تحبه حبا فوق المتصور وأنك بمجرد الحصول عليه تشعر باللذة تزول رويدا رويدا ، فكل ممنوع مرغوب ، ولو كنت حصلت على تلك الألعاب عند رغبتي بها مباشرة لما كانت لها قيمة عندي .
وقد يكون لهذا الأمر علاج وهو أن تشغل نفسك عن هذا الشئ وتتجاهله حتى يعود رخيصا في نفسك بعد أن كان غاليا ، كما قال المتنبي :
أنا إن غلا شئ علي تركته
فيكون أهون ما يكون إذا غلا
وهذه بالطبع لاتكون في حق طفل مولع بحب الألعاب ولكن الشئ بالشئ يذكر .
هناك أشياء أخرى يتعب المرء من أجل أن يتحصل عليها ويبذل الغالي والنفيس من أجلها وما إن تصبح ملكا له إلا ويزهد فيها ، من تلكم الأشياء بعض العلاقات بين الجنسين ، فحين يرى الشاب فتاة يعاملها كلعبة يجري خلفها ويحاول أن يمتلكها ومتى ما حصل له ذلك ولعب بها .... رماها خلفه وراح يبحث عن لعبة أخرى .
أهل المعاصي كذلك .... يبذلون ما يستطيعون من مال وجهد لتوفير سبل المعصية لأنفسهم وما إن يقعوا في المعصية وتنتهي لذتهم المزيفة إلا وشعروا بالندم والحزن فقد انتهت اللعبة .
وأحيانا أخرى أشعر بأن للحرمان فائدة فهو يجعل المرء يعرف قيمة الشئ إذا ما تحصل عليه بعد عناء وجهد ، وهذا الشئ يجعلني أفكر في أن أتعامل مع ولدي عبدالله كما كان يتعامل معي أبي حفظه الله ، ولا بأس في أن يقزرها ولدي عبدالله مع "سعد" آخر .. كما قزرها أبوه مع "سعد" صديقه .
لكم ودي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق