2011/06/10

الحياة قصيرة جدا ،،،

فَإِنَّكِ لَو سَأَلتِ بَقاءَ يَومٍ
عَلى الأَجَلِ الَّذي لَكِ لَم تُطاعي
فَصَبراً في مَجالِ المَوتِ صَبراً
فَما نَيلُ الخُلودِ بِمُستَطاعِ

قطري بن الفجاءة

يعيش أحدنا في هذه الحياة الدنيا ويعمل وكأنه سيخلد فيها ناسيا أو متناسيا أن لاخلود في هذه الحياة الدنيا وأن كلما نفعله إنما هو حبات بذور ننثرها في أرض صحائف أعمالنا وسنجني مازرعناه يوم تتطاير الصحف فتُتلقف باليمين أو بالشمال وحينها سنعلم يقينا أنه لايجنى من الشوك العنب ، وقد قال سبحانه في الحديث القدسي : " ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلايلومن إلا نفسه " .
هذه الحياة الزائلة الفانية أقصر من أن نقضيها فيما يفسدها علينا ويشغلنا عن الاستمتاع بها ، ومن أكثر تلك المفسدات أن نحياها ونحن نحمل في قلوبنا نتن وعفن بغض الآخرين بلا مبرر ولامسوغ شرعي مبني على عقيدة الولاء والبراء بل مبني على أهواء أنفسنا أو على صور خاطئة رسمناها في مخيلتنا عن الآخر هي أبعد ماتكون عن الحقيقة بل قد تعرينا نحن أمام الآخر إذا عوملنا بمقولة : " كلٌ يرى الناس بعين طبعه " وكما قال الفيلسوف اليوناني " أنت لاتكرهني أنت تكره الصورة التي رسمتها في مخيلتك عني وهذه الصورة في الحقيقة هي أنت وليست أنا " .
هناك أمور في حياتنا أهم وأعظم يجب الانشغال بها بدلا من الانشغال بصنع عداوات مع الآخرين واشغال القلب بالبغض والكره بدلا من اعطائه مساحة كافية للحب والتسامح والمودة ، ولو شغل كل منا نفسه في معالجة عيوبه أولا لما وجد وقتا للالتفات نحو الآخرين فضلا عن أن يجد وقتا لإقامة المعارك أو الحروب الساخنة منها والباردة ، وما أجمل ماقال المبدع سعد علوش في هذا الباب :
من قبل لاسوّي مشاكل مع الناس
عندي مع نفسي مشاكل كثيرة
نقّ قلبك وطهره من أمراضه ولاتشغله إلا بمايعود عليه وعليك بالنفع واحرص على اجراء عملية غسيل يومي لقلبك لتنظيفه مما علق به ، وليكن جل اهتمامك أن تنام وليس في قلبك لأحد من المسلمين شئ فبهذا العمل البسيط ظاهره العظيم باطنه شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل بأنه من أهل الجنة .
فعش حياتك بسلامة صدر حتى تسلم لك حياتك من منغصات العيش وبنات الدهر ولاتجعل للكره في قلبك نصيبا وعامل الناس بمثل ماتحب أن يعاملوك ، وازرع شجيرات المحبة على جنبات الطريق نحو قلبك علها تكبر ذات يوم وتظللك من حر شمس تدنو من الخلائق بمقدار ميل .
واعلم بأن العمر قصير فلعلك إن أصبحت لاتدرك المساء وإن أمسيت لاتدرك الصباح وأن طلب الخلود ليس بمستطاع كما قال قطري فعلام التعب وعلام الجري وراء الدنيا ومغرياتها ، ولو كتب الله لأهل القبور عودة لأخبروك الخبر الصادق .
دمتم طيبين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق