2013/12/27

لقد جئتم شيئاً إدّا ...!


الجهل نوعان بسيط ومركّب ، فالجهل البسيط هو أن تجهل وتعلم أنك تجهل ، والجهل المركّب هو أن تجهل وتجهل أنك تجهل ، بل ترى نفسك علاّمة زمانك وفقيه عصرك وأوانك ، وأنك سبقت مقاهيم غيرك بآلاف الأميال المعرفية ، حتى يصير القبيح في عينيك حسناً ، ويصير الحسن في عينيك قبيحاً ، ولا بواكي لك حينها .
إن الإحساس بالنقص والعجز ، والجهل بماضي الأسلاف المشرق ، هو أكبر دافع للمرء لتقليد الأمم الأخرى حتى لو كانت تجاهره بالعداوة والبغضاء ، وترفع في وجهه السلاح ، وتحرص على القضاء على مسلّماته ، وما ذاك إلا لأنه ترسّخ في ذهنه أن الحضارة والمدنية والرقي والتقدم لدى أولئك القوم فقط دون غيرهم ، فيهبّ للتشبه بهم والسير خلفهم واتّباع سننهم حذو القذة بالقذة ، حتى يعود مسخاً لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، أضاع مشيته ومشية القوم .
في مثل هذه الأيام من كل عام يعاد نفس الحديث عن تهنئة النصارى بعيد "الكريسمس" وهو عيد ميلاد المسيح عليه السلام الذين يزعمون في ديانتهم أنه ابن الله - تعالى الله عمّا يقولون علوّاً كبيراً - ويقومون بإظهار شعائرهم في ذلك اليوم عن طريق توزيع الهدايا ولبس لباس معيّن لا ينفك أساساً عن بعض عقائدهم ، فيهبّ الجهلة من المسلمين ليبادروا بالاحتفال معهم وتهنئتهم بذلك العيد الذي يقوم أساساً على عقيدة كفرية تناقض صريح ديننا .
عجبت ممن قرأ قوله تعالى : ( لم يلد ولم يولد ) ؛ كيف يطيب له أن يقول لمن يرى أن عيسى ابن الله (هابي كريسمس ) ؟! ، وعجبت ممن قرأ قوله تعالى : ( وقالوا اتّخذ الرحمن ولدا () لقد جئتم شيئاً إدّا () تكاد السموات يتفطّرن منه وتنشق له الأرض وتخرّ الجبال هدّا () أن دعوا للرحمن ولدا () وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ) كيف يطيب له أن يحتفل بهذا اليوم مع الكفار الذين يحتفلون فيه معتقدين أن عيسى ابن الله ؟! ، وعجبت ممن أعزه الله بدين الإسلام وعقيدته السمحة ، كيف يذلّ نفسه بالاحتفال بمناسبات دينية لمن لا يرونه هو ودينه شيئاً ، بل ويعادونه علانية ، وأيديهم لا تزال تقطر من دماء إخوانه المسلمين في شتى بقاع الأرض .
لا يضحكنّ عليك شيطانك بأن تهنئة الكفار في أعيادهم من التسامح والطيبة ، فنبيّنا صلى الله عليه وسلم أكثر الخلق تسامحاً وأطيب الخلق قلباً ما أثر عنه مثل هذا الفعل بل أثر عنه قوله ( خالفوا اليهود والنصارى ) ، واعلم أنه ليس من الحضارة والتمدّن والرقي إظهارك لشعائر من يحتقرك ويحتقر دينك ، واعلم بأن نيّتك الطيبة لا تصلح عملك الفاسد بتهنئة الكفار بأعيادهم ، واعلم بأنك دون الاعتزاز بدينك لست سوى ... لاشيء .


منصور الغايب
twitter : @Mansour_m

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق