2013/05/07

ألا قبرٌ يُباع فأشتريهِ ؟!


لم يدر في خلده يوما أن يكون وطناً لقضية وقضية لوطن ، ولم يدر في خلده يوماً أن يكون ورقة توت تسقط لتكشف عورة المدّعين الذين يغضبهم خدش في دستور ولا يلتفتون لطعنة في خاصر مظلوم ، ولم يدر في خلده يوماً أن أحلامه في الحصول على وطن ستتضاءل رويداً رويداً حتى تختزل في الحصول على قبر بحجم متر معاناة في متري حرمان ، ليجسّد لنا بيت سعد علّوش واقعاً حيّاً  : أبي ليامن متّ يعطوني قبر .
عادل العنزي الذي غادر وطنه - الذي لفظه حيّا - بقلب مقبل على وطن جديد يتساوى فيها الغني والفقير والشريف والحقير في الحقوق والواجبات ، وطن تخرج فيه من بيتك مقبّلاً أولادك وأنت مطمئنّ على مستقبلهم ، وطن تعود فيه إلى بيتك وبإمكانك أن تحمل في يدك ما تسعد به أطفالك بدلاً من أن تقابل عيونهم العطشى بعيون لاشيء فيها سوى الأسى والحزن ، وطن يشاطرك أفراحك ويواسيك حال أحزانك ، وطن يحتضنك حيّا وميّتاً ، وطن يضمن لك قبراً بعد مماتك .
عادل العنزي الذي أعاشوه في وطنه ميّتاً ، ثمّ رفضوا أن يموت فيه ليعيش كذكرى أليمة في قلوب أهله ، عادل لم يرد أكثر من شخص "عادل" يحمل ملف قضيّته ، وينظر إليه كصاحب حقّ ، ولم يرد أكثر من شعب "عادل" ينظر إليه كفرد من أفراده لا كدخيل يقتنص الفرص للانقضاض على خيرات البلد ، شعب ، ينتفض من أجل الإنسان والإنسان فقط بعيداً عن أي رتوش ، ولم يرد أكثر من سياسيّ صادق يذود عن قضيّته بدلاً من أن يتكسب من خلالها ، ياااااه كانت مطالبه بسيطة جدّاً وهي اليوم أبسط فهي لا تتعدى رغبته في الحصول على قبر .
ذهب عادل وبقي جثمانه لمن بعده آية ، ذهب عادل وحتى كتابة هذه الأسطر لم يجد له قبراً في وطنه ، ولكنه بالتأكيد وجد قبراً لوطنه في قلبه ، هاهو جثمان عادل ينتظر قراراً ممن بيده القرار ولو نطق لقال : "ألا قبرٌ يُباع فأشتريهِ ؟!" .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق