غير تقيٍّ يأمر
الناس بالتقى
طبيب يداوي
والطبيب سقيمُ
(.......)
بين مطرقة إهمال
المستشفيات والمستوصفات الحكومية وسندان غلاء الأسعار في المستشفيات والعيادات
الخاصة ، يقبع المرضى من ذوي الدخل المحدود صابرين ومحتسبين ، ومتحملين قسراً لا
طواعية لأخطاء طبية قد تودي بحياة أحدهم ، أو لدينٍ يثقل كاهلهم ماحيوا ، أو
يصبحوا أسارى لجميل شخص متنفذ أسرهم بجميل علاج في الخارج وهو في الأصل حقّ مشروع
لهم .
مصيبة وأي مصيبة ،
حين يتخلى الأطباء عن إنسانية مهنتهم التي من أجلها وجدت هذه المهنة أصلاً ،
ويصبحون كسماسرة في المستشفيات والعيادات الخاصة ، يحاولون بشتى الطرق ، شفط ما في
جيب المريض من مال ، عن طريق إغراقه بتكاليف الكثير من الأشعات والمناظير
والفحوصات التي يطلبونها منه من باب التأكد بزعمهم ، ويشترطون أن تكون في عيادتهم
طبعاً بحجة عدم ثقتهم في الأجهزة المتوافرة في المستشفيات الحكومية ! ، ناهيك عن
التكاليف الأولية من فتح ملف وطلب استشارة وأسعارها المبالغ فيها ، وانتهاء بكمية
كبيرة من الأدوية تشتريها من الصيدلية التابعة لهم أيضاً تباع بأغلى الأسعار ،
وليت الأمر ينتهي هنا ، بل لا بد من زيارة قادمة للتأكد من تحسن حالتك ولشفط ما
تبقى من أموال في جيبك كتب لها البقاء في الزيارة الأولى ولن يكتب لها ذاك في
الزياة التي تليها طبعاً ! .
وإن المصيبة
العظمى حين يكون الطبيب ذو المهنة الإنسانية العظيمة مشاركاً في عملية النصب هذه ،
عن طريق تخويف المريض من تردي وضعه الصحي ، وأن كل الفحوصات والتقارير السابقة
التي بحوزته قام بها طبيب حمار – أجلكم الله – وبالمناسبة لا أعلم لماذا تنتشر هذه
الكلمة بين الأطباء فبمجرد أن تخبره بتشخيص طبيب آخر يخالف تشخيصه إلا وقال لك :
من الحمار – أجلكم الله – الذي قال لك هذا الكلام ؟! ، إضافة إلى ذلك أن بعض
الأطباء أصبح مندوب مبيعات لشركات الأدوية والأجهزة الطبية ، فتجد إعلانات
المنتجات الدوائية تملأ مكتبه وبعد أن يشخص حالتك الكرضية تراه يخرج لك إعلانا مطبوعاً
ليضع لك دائرة على أحد الأدوية ويقول لك اشتر هذا ! ، ولا يخدم بخيل بالطبع !
إن مهنة الطب مهنة
نبيلة ، تتربع على رأس هرم المهن الإنسانية التي لا تستغني عنها البشرية أبداً ،
لكن بعض الممارسات الخاطئة من بعض الأطباء وليس الكل تفقدها جزءاً كبيرا من نبلها
، وجزءاً أكبر من احترام الناس وتقديرهم للممارسين لها ، وهذا ما نعيشه واقعاً
اليوم من عدم ثقة الناس بالأطباء ، وعدم احترامهم ، ولطالما سمعنا عن اعتداء بعض
المرضى على بعض الأطباء بالسب أو بالضرب وهذا ما لم نكن نشاهده سابقاً لما كان
للطبيب من مكانة عالية لدى الناس فقدت اليوم ، حتى أصبح بعض الأطباء يعلق القرار
الوزاري الخاص بمعاقبة من يهين أو يضرب طبيبا خلف ظهره ، مخاطباً الخوف في قلوب
المراجعين لا الاحترام .
في قصيدته الجميلة
في محبوبته ليلى قال قيس بن الملوح :
يقولون ليلى في
العراق مريضة
فياليتني كنت
الطبيب المداويا
وإنني لأظن قيساً
لو عاش زماننا هذا ورأى إساءات بعض الأطباء وليس الكل لمهنة الطب ، لتمنى أن يكون
راقياً أو حجّاماً أو حلّاقاً حتى ، أو أي شئ آخر إلا أن يكون طبيباً .... لا
تغضبوا ... قلت أظنه !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق