2012/06/15

الطبيب السقيم !


غير تقيٍّ يأمر الناس بالتقى

طبيب يداوي والطبيب سقيمُ

(.......)

بين مطرقة إهمال المستشفيات والمستوصفات الحكومية وسندان غلاء الأسعار في المستشفيات والعيادات الخاصة ، يقبع المرضى من ذوي الدخل المحدود صابرين ومحتسبين ، ومتحملين قسراً لا طواعية لأخطاء طبية قد تودي بحياة أحدهم ، أو لدينٍ يثقل كاهلهم ماحيوا ، أو يصبحوا أسارى لجميل شخص متنفذ أسرهم بجميل علاج في الخارج وهو في الأصل حقّ مشروع لهم .

مصيبة وأي مصيبة ، حين يتخلى الأطباء عن إنسانية مهنتهم التي من أجلها وجدت هذه المهنة أصلاً ، ويصبحون كسماسرة في المستشفيات والعيادات الخاصة ، يحاولون بشتى الطرق ، شفط ما في جيب المريض من مال ، عن طريق إغراقه بتكاليف الكثير من الأشعات والمناظير والفحوصات التي يطلبونها منه من باب التأكد بزعمهم ، ويشترطون أن تكون في عيادتهم طبعاً بحجة عدم ثقتهم في الأجهزة المتوافرة في المستشفيات الحكومية ! ، ناهيك عن التكاليف الأولية من فتح ملف وطلب استشارة وأسعارها المبالغ فيها ، وانتهاء بكمية كبيرة من الأدوية تشتريها من الصيدلية التابعة لهم أيضاً تباع بأغلى الأسعار ، وليت الأمر ينتهي هنا ، بل لا بد من زيارة قادمة للتأكد من تحسن حالتك ولشفط ما تبقى من أموال في جيبك كتب لها البقاء في الزيارة الأولى ولن يكتب لها ذاك في الزياة التي تليها طبعاً ! .

وإن المصيبة العظمى حين يكون الطبيب ذو المهنة الإنسانية العظيمة مشاركاً في عملية النصب هذه ، عن طريق تخويف المريض من تردي وضعه الصحي ، وأن كل الفحوصات والتقارير السابقة التي بحوزته قام بها طبيب حمار – أجلكم الله – وبالمناسبة لا أعلم لماذا تنتشر هذه الكلمة بين الأطباء فبمجرد أن تخبره بتشخيص طبيب آخر يخالف تشخيصه إلا وقال لك : من الحمار – أجلكم الله – الذي قال لك هذا الكلام ؟! ، إضافة إلى ذلك أن بعض الأطباء أصبح مندوب مبيعات لشركات الأدوية والأجهزة الطبية ، فتجد إعلانات المنتجات الدوائية تملأ مكتبه وبعد أن يشخص حالتك الكرضية تراه يخرج لك إعلانا مطبوعاً ليضع لك دائرة على أحد الأدوية ويقول لك اشتر هذا ! ، ولا يخدم بخيل بالطبع !

إن مهنة الطب مهنة نبيلة ، تتربع على رأس هرم المهن الإنسانية التي لا تستغني عنها البشرية أبداً ، لكن بعض الممارسات الخاطئة من بعض الأطباء وليس الكل تفقدها جزءاً كبيرا من نبلها ، وجزءاً أكبر من احترام الناس وتقديرهم للممارسين لها ، وهذا ما نعيشه واقعاً اليوم من عدم ثقة الناس بالأطباء ، وعدم احترامهم ، ولطالما سمعنا عن اعتداء بعض المرضى على بعض الأطباء بالسب أو بالضرب وهذا ما لم نكن نشاهده سابقاً لما كان للطبيب من مكانة عالية لدى الناس فقدت اليوم ، حتى أصبح بعض الأطباء يعلق القرار الوزاري الخاص بمعاقبة من يهين أو يضرب طبيبا خلف ظهره ، مخاطباً الخوف في قلوب المراجعين لا الاحترام .

في قصيدته الجميلة في محبوبته ليلى قال قيس بن الملوح :

يقولون ليلى في العراق مريضة

فياليتني كنت الطبيب المداويا

وإنني لأظن قيساً لو عاش زماننا هذا ورأى إساءات بعض الأطباء وليس الكل لمهنة الطب ، لتمنى أن يكون راقياً أو حجّاماً أو حلّاقاً حتى ، أو أي شئ آخر إلا أن يكون طبيباً .... لا تغضبوا ... قلت أظنه !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق