لا أظن انه قد خطر
ببال السيدة أم كلثوم وهي تصدح ليلة كل عيد ، فطراً كان أو أضحى " ياليلة
العيد آنستينا " بأن مع مرور الوقت لن يكون لليلة العيد كل ذلك الأنس والبهجة
الذي ذكرتها أم كلثوم ، تغيرت الأمور وتبدلت الأحوال فلا العيد أصبح عيداً إلا
باسمه ولا الفرح أصبح قريناً بالأعياد والمناسبات ، بل على العكس تماماً أصبحنا لا
نشعر بقرب قدوم العيد إلا من خلال الزحام الذي نراه في الأسواق ومن خلال تهافت
الناس على شراء مستلزمات العيد ، وأصبح العيد لا يتجاوز الساعات الأولى من صباح
يوم العيد وبعدها كأن "عيداً" لم يكن !!
صدحت أم كلثوم
قائلة " ياليلة العيد آنستينا " لكنها لم يخطر ببالها أن ملايين
السوريين هذا العام لا تؤنسهم ليلة العيد فهم يخشون أن يكونوا أضحية العيد التي
يقدمها الجيش السوري قربانا لزعيمه "النعجة" ، ولم يخطر ببالها أن
ملايين العراقيين لا زالوا يخشون التفجيرات المتعاقبة التي حصدت الأرواح ولا يعرف
مصدرها فالكل يرمي التهمة في حضن الآخر ، ولم يخطر ببالها ملايين الفلسطينيين في
غزة والذين باتوا يرددون الشهادتين مع كل أزيز للطائرات يسمعونه ، فلعل أن يكون
آخر كلامهم " لا إله إلا الله " ، ولم يخطر ببالها ملايين الصوماليين
الذين عشق الجوع أجسادهم المنهكة وبات يحصدهم جماعات لا فرادى ، ولم يخطر ببالها
ملايين اليمنيين الذين أمطرت عليهم السماء رصاصاً دون أن يصلوا لذلك استسقاءً !! .
في بلدي أيضاً لم
تصبح ليلة العيد مؤنسة كما كانت في السابق وأصبحنا نسمع ولا نرى بالمثل القائل
" ليالي العيد تبين من عصاريها " ، ولم يعد يطرب أهل بلدي عوض دوخي وهو
يردد "العيد هلّ هلاله" ، ففي كل عام نختلف في متى يهل هلال العيد ياعوض
وأنت الوحيد الذي لا يعنيك ذاك الاختلاف !! ، لم يعلم عوض دوخي وهو يقول "
العيد هلّ هلاله " بأن الغلاء الفاحش في الأسعار سينسي الناس فرحة العيد
وسيذكرهم بفرحة التجار الجشعين فقط ، ولم يعلم بأن الشرفاء من أبناء البلد أحزنهم
الفساد المستشري في البلد وأتعب حناجرهم النكير ، وأفرغت محابرهم الكتابة ، فلم
يعد يفرحهم العيد بل عيدهم هو انتهاء حقبة الفساد ، ولم يعلم عوض دوخي بأن هناك
أسيرين كويتيين يقبعان في غوانتنامو لا تأبه لهما الحكومة لا يشعران بفرحة هلال
العيد ، وأن هناك محتجزا في إيران نسته أو تناسته الحكومة ، لا يعلم هل هلّ هلال
العيد أم لم يهلّ ؟! ، وأن هناك شباباً من أبناء البلد سيقضون العيد في توجس خشية
الملاحقات الأمنية لهم بسبب إبداء الرأي الذي كفله لهم دستورهم ، وأن هناك أكثر من
مائة ألف من البدون يعيشون بين ظهراني إخوانهم لا تعني لهم فرحة العيد شيئاً سوى
الإنهاك المادي لمن لديه راتب ، أو الحرقة في القلب والغصة في الحلق لمن لا يمتلك
راتباً ويعول أطفالاً ، أما فرح العيد فهم لا يعرفونه إلا من خلال أغنية عوض دوخي
تلك .
اسمحي لي يا أم
كلثوم فليلة العيد لا تؤنسنا ، واسمح لي يا عوض دوخي فهلال العيد لم يعد يفرحنا ،
واسمحوا لي أيها المضطهدون في عالمنا العربي أجمع فليس لكم الحق في الفرح يوم
العيد ، وكل ما يحق لكم هو أن تجتمعوا في صعيد واحد في ساعات الفجر الأولى ليوم
العيد لتقولوا بصوت واحد :
عيدٌ بأي حال عدت
ياعيدُ
بما مضى أم بأمر
فيك تجديدُ
منصور الغايب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق